ولما انقضى الأجل، اجتمع الحكمان فى دومة الجندل، وخدع عمرو بن العاص أبا موسى الأشعرىّ، ففشل التحكيم، واشتدّت الفرقة بين المسلمين.
وروى المسعودى فى مروج الذهب قال:
فلما التقى أبو موسى وعمرو، قال عمرو لأبى موسى تكلّم وقل خيرا، فقال:
أبو موسى: بل تكلم أنت يا عمرو، فقال عمرو: ما كنت لأفعل وأقدّم نفسى قبلك، ولك حقوق كلها واجبة، لسنّك وصحبتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت ضيف، فحمد الله أبو موسى وأثنى عليه، وذكر الحدث الذى حلّ بالإسلام، والخلاف الواقع بأهله، ثم قال: يا عمرو هلمّ إلى أمر يجمع الله فيه الألفة، وبلمّ الشّعث، ويصلح ذات البين، فجزاه عمرو خيرا، وقال: إن للكلام أولا وآخرا، ومتى تنازعنا الكلام خطبا، لم نبلغ آخره حتى ننسى أوّله، فاجعل ما كان من كلام نتصادر عليه فى كتاب يصير إليه أمرنا، قال: فاكتب، فدعا عمرو بصحيفة وكاتب، وكان الكاتب غلاما لعمرو، فتقدم إليه ليبدأ به أوّلا دون أبى موسى، لما أراد من المكر به ثم قال له بحضرة الجماعة، اكتب، فإنك شاهد علينا، ولا تكتب شيئا يأمرك به أحدنا، حتى تستأمر الآخر فيه، فإذا أمرك فاكتب، وإذا نهاك فانته حتى يجتمع رأينا، اكتب:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه فلان وفلان» فكتب وبدأ بعمرو، فقال له عمرو: لا أمّ لك، أتقدّمنى قبله؟ كأنك جاهل بحقه! فبدأ باسم عبد الله ابن قيس، وكتب: تقاضيا على أنهما يشهدان أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، ثم قال عمرو: «نشهد أن أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم،