للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٣٩ - كتاب معاوية إلى ابن عباس]

وقال معاوية لأكتبنّ إلى ابن عباس كتابا أستعرض فيه عقله، وأنظر ما فى نفسه، فكتب إليه:

«أما بعد: فإنكم معشر بنى هاشم لستم إلى أحد أسرع منكم بالمساءة إلى أنصار ابن عفان، حتى إنكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما بدمه، واستعظامهما ما نيل منه، فإن كان ذلك منافسة لبنى أمية فى السلطان، فقد وليها عدىّ وتيم (١)، فلم تنافسوهم وأظهرتم لهم الطاعة.

وقد وقع من الأمر ما قد ترى، وأدالت (٢) هذه الحرب بعضنا من بعض حتى استوبنا فيها، فما يطمعكم فينا يطمعنا فيكم، وما يؤيسنا منكم يؤيسكم منا، ولقد رجونا غير الذى كان، وخشينا دون ما وقع، ولستم ملاقينا اليوم بأحدّ من حدّكم أمس، ولا غدا بأحدّ من حدكم اليوم وقد قنعنا بما فى أيدينا من ملك الشأم، فاقنعوا بما فى أيديكم من ملك العراق، وأبقوا على قريش، فإنما بقى من رجالها ستة: رجلان بالشأم، ورجلان بالعراق، ورجلان بالحجاز، فأما اللذان بالشأم فأنا وعمرو، وأما اللذان بالعراق، فأنت وعلىّ، وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر (٣)، فاثنان من الستة ناصبان (٤) لك، واثنان واقفان فيك، وأنت رأس هذا الجمع، ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا أسرع منا إلى علىّ».

(شرح ابن أبى الحديد م ٢: ص ٢٨٩، والإمامة والسياسة ١: ٨٥)


(١) أى وليها عمر وأبو بكر، فالأول من عدى بن كعب بن لؤى، والثانى من تيم بن مرة بن كعب بن لؤى.
(٢) أداله الله من عدوه: نصره عليه.
(٣) يعنى سعد بن أبى وقاص وعبد الله بن عمر.
(٤) نصب له: عاداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>