للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبودّى أن يكون ذلك فى زمانى، فأعرف لك قدرك، وأتجاوز عن ذلك، ولكنى والله أتخوف أن تبتلى بمن لا ينظرك فواق (١) ناقة، وكتب فى أسفل كتابه:

يا حسين بن علىّ: ليس ما ... جئت بالسائغ يوما فى العلل (٢)

أخذك المال ولم تؤمر به ... إنّ هذا من حسين لعجل

قد أجزناها ولم نغضب لها ... واحتملنا من حسين ما فعل

يا حسين بن علىّ ذا الأمل ... لك بعدى وثبة لا تحتمل

وبودّى أننى شاهدها ... فأليها منك بالخلق الأجل (٣)

إننى أرهب أن تصلى بمن ... عنده قد سبق السيف العذل (٤)

(شرح ابن أبى الحديد م ٤: ص ٣٢٧)

[٢١ - كتاب محمد بن الحنفية إلى الحسين بن على]

وجرى بين الحسين بن علىّ وبين أخيه محمد (٥) بن الحنفيّة رضى الله عنهما كلام، وافترقا متغاضبين، فلما وصل محمد إلى منزله كتب إلى الحسين بعد البسملة:


(١) أنظره: أمهله، والفواق كغراب ويفتح: ما بين الحلبتين من الوقت، أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع.
(٢) السائغ: الجائز.
(٣) أليها: أى أتولاها وأعالجها.
(٤) سبق السيف العذل: مثل معناه قد فرط من الفعل مالا سبيل إلى رده (والعذل: اللوم) وأول من قال هذا المثل ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سعد وللآخر سعيد، فنفرت إبل لضبة تحت الليل، فوجه ابنيه فى طلبها، فوجدها سعد فردها، ومضى سعيد فى طلبها فلقيه الحارث بن كعب، وكان على الغلام بردان، فسأله الحارث إياهما، فأبى عليه، فقتله وأخذ برديه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سوادا قال: أسعد أم سعيد (فذهبت مثلا يضرب فى النجاح والخيبة) فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه حج فوافى عكاظ، فلقى بها الحارث بن كعب ورأى عليه يردى ابنه سعيد، فعرفهما فقال له: هل أنت مخبرى ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال: بلى، لقيت غلاما وهما عليه، فسألته إياهما فأبى على فقتلته وأخذت برديه هذين، فقال ضبة: بسيفك هذا؟ قال:
نعم، فقال. فأعطنيه أنظر إليه فإنى أظنه صارما، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخذه من يده هزه وقال:
الحديث ذو شجون (أى ذو طرق جمع شجن كشمس) ثم ضربه به حتى قتله، فقيل له يا ضبة، أفى الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل.
(٥) هو محمد بن على بن أبى طالب، والحنفية أمه، وهى من بنى حنيفة بن لجيم، واسمها خولة بنت جعفر، وتوفى محمد سنة ٨١ - انظر ترجمته فى وفيات الأعيان ١: ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>