للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتانى كتاب أمير المؤمنين بما أحبّ أن يسرّنى به من سلامته، فى نعمته وولده وخاصّته، فأدام الله لأمير المؤمنين العافية، ووثّق له عقد الكرامة، وأسبغ عليه فضائل النعمة، وفواضل الأيادى، فإنه أصبح محتجرا (١) بصلاح أمير المؤمنين فى نفسه وولده وجميع أمته، مقرونا بما كرهوا له أو عليه، ما كرهوا لأنفسهم أو عليها، محقوقين ألّا يروا للنعمة تماما، ولا للعافية دواما، إلّا بتمامها على أمير المؤمنين وبقائها له، فإن الوالى إذا نزل من أمته، فى إحياء العدل لها، ودفع المكروه عنها، وإثبات شرائع الحق فيها، وإسباغ الأيادى بالفضل عليها، بمثل منزل أمير المؤمنين الذى أنزله الله به من رعيته، فى دينهم وحريمهم ومعاشهم، لم يروه بالنعمة عليه فى نفسه وولده وخاصته مخصوصا دون أنفسهم، لأن بقاءه وصلاحه مقرون موصول ببقائهم وصلاحهم، فلا زال أمير المؤمنين مصنوعا له، مدفوعا عنه، مجنّبا محذور الليل والنهار، موقّى ما تشتمل عليه الأ [يام من الأحداث (٢)]، ممنوعا يمنعه الله برحمته فى نفسه وولده، محروسا بكلاءة (٣) الله وحفظه فى جميع ما أنعم به عليه، نسأل الله لأمير المؤمنين تمام النعم، ودوام الكرامات، والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٧٠)

[٥٢ - كتاب له فى الشكر]

«لولا ما يجب علينا من قضاء حق الأمير بما تبلغه الطاقة فى تقريظ الألسن، ونصائح القلوب، والتمسّك بحبل الشكر له، والوفاء فى المحضر والمغيب، كان أولى الأمور بنا فى التخيّر لأنفسنا والنظر لها، الإمساك من ذلك عما لا يزيدنا ذكره إلا بعدا من غايته، وعجزا عن بلوغه، ولكنا لما صرنا نعتمد فى القول على الاجتهاد فى معرفة الحق على


(١) احتجر به: التجأ واستعاذ، والمعنى مقترنا به ومرتبطا.
(٢) فى الأصل «موق يشتمل عليه إلا ..... ممنوعا».
(٣) كلأه كمنعه، كلاءة: حرسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>