للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فواته، وقد رام قوم أمرا بغير الحق فتأوّلوا (١) على الله جل وعزّ فأكذبهم ومتّعهم قليلا، ثم اضطرّهم إلى عذاب غليظ، فاحذر يوما يغتبط (٢) فيه من أحمد عاقبة عمله، وبندم فيه من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه، وغرّته الدنيا، واطمأن إليها.

ثم إنك قد دعوتنى إلى حكم القرآن، ولقد علمت أنك لست من أهل القرآن، ولا حكمه تريد، والله المستعان، ولسنا إياك أجبنا، ولكنا أجبنا القرآن فى حكمه، ومن لم يرض بحكم القرآن فقد ضلّ ضلالا بعيدا».

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ١٨٨، ونهج البلاغة ٢: ٥٦)

٤٤٩ - رد معاوية على علىّ

فكتب معاوية إلى علىّ:

«أما بعد: عافانا الله وإياك، فقد آن لك أن تجيب إلى ما فيه صلاحنا وألفة بيننا، وقد فعلت الذى فعلت، وأنا أعرف حقى، ولكنى اشتريت بالعفو صلاح الأمة، ولم أكثر فرحا بشئ جاء ولا ذهب، وإنما أدخلنى فى هذا الأمر، القيام بالحق فيما بين الباغى والمبغىّ عليه، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، فدعوت إلى كتاب الله فيما بيننا وبينك، فإنه لا يجمعنا وإياك إلا هو، نحيى ما أحيا القرآن، وعميت ما أمات القرآن، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ١٨٩)


(١) أى تعلقوا بشبهة فى تأويل القرآن انتصارا لمذاهبهم وآرائهم، فأكذبهم الله بأن أظهر للعقلاء فساد تأويلهم، وفى رواية (فتألوا على الله) وتألى: أقسم كائتلى وآلى، وفى الحديث «من تألى على الله أكذبه الله» ومعناه: من أقسم تجبرا واقتدارا لأفطن كذا أكذبه الله ولم يبلغه أمله.
(٢) يغتبط أى يفرح ويسر، والغبطة بالكسر: السرور، وفى رواية «يغبط فيه» أى يتمنى مثل حاله، وأحمد أمره: صار عنده محمودا.

<<  <  ج: ص:  >  >>