للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ظلمت- أعزّك الله- وما أنصفت، وأسأت وما أحسنت، تأتى ذلك اختيارا، ولا تتبعه اعتذارا، حتى إذا لذعت بلظى المكافأة (١)، وسلك بك طريق المجازاة، جعلت ذلك لنا ذنبا، وألزمتنا له عتبا، ومن لم يعرف قببج ما يبلى، لم يعرف حسن ما يولى، ولله در القائل:

إذا ما امرؤ لم يحمل الحقد لم يكن ... لديه لذى نعمى جزاء ولا شكر»

(كتاب الأوراق للصولى ١: ٢٠٦)

[٢٧٣ - كتاب أحد غلمان الديوان إلى آخر منهم]

قال أحمد بن يوسف:

كتب غلام من ولد أنو شروان ممن كان أحد غلمان الدّيوان إلى آخر منهم، وكان قد علق به وكان شديد الكلف (٢) به والمحبة له:

«ليس من قدرى- أدام الله سعادتك- أن أقول لمثلك: جعلت فداك، لأنى أراك فوق كلّ قيمة نضيرة، وتمن معجز، ولأن نفسى لا تساوى نفسك، فتقبل فى فديتك على كل حال، فجعلنى الله فداء ساعة من أيامك.

اعلم أيها السيد العلىّ المنزلة، أنّه لو كان لعبدك من شدة الخطب أمر يقف على حدّه النعت، لاجتهد أن يصف من ذلك ما عسى أن يعطف به زمام قلبك، ويحنو على الرّقة والتحفّى (٣) أثناء جوانحك، ولكن الذى أمسيت وأصبحت ممتحنا به فيك، منع عن كل بيان، ونزح (٤) عن كل لسان.

والحبّ أيها الملك لم يشبه قذى (٥) ريبة، ولم يختلط به قلب معاب، فلا ينبغى


(١) المكافأة: المجازاة.
(٢) كلف به كفرح: أولع.
(٣) حناه يحنوه عطفه، وتخفى به واحتفى: بالغ فى إكرامه وأظهر السرور والفرح وأكثر السؤال عن حاله.
(٤) غاب وبعد.
(٥) الفذى: ما يقع فى العين والشراب. والمعاب: العيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>