للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إسمعيل بن صبيح يوم السبت لسبع ليال بقين من المحرم سنة ست وثمانين ومائة. (تاريخ الطبرى ١٠: ٧٧)

[١٦٦ - رسالة يحيى بن زياد الحارثى فى تقريظ الرشيد]

«أما بعد: فإنى أسأل الله لأمير المؤمنين فى غابر أموره، أحسن ما عوّده فى سالفها، من السلامة التى حرسه بها من المكاره، والعزّ الذى قهر له به الأعداء، والنصر الذى مكّن له فى البلاد، والهدى الذى وهب له به المحبة، والرّفق الذى أدرّ له به الحلب (١) والاستصلاح الذى اتّسقت له به الرعية، حتى يكون- بما أعطاه من ذلك، وما هو مستقبل به منه- أبعد خلفائه فى الخير ذكرا، وأبقاهم فى العدل أثرا وأطولهم فى العمر مدة، وأحسنهم فى المعاد منقلبا.

ثم نحمد الله الذى جعل نعمته على أمير المؤمنين شواهد منه على منزلته منه، ومكانه عنده، لا يحتاج معها إلى شهادات المثنين، ولا صفات المقرّظين، ثم جعل ذكر نعمته على أمير المؤمنين ومناصحتها والمجاهدة لمن كادها، فريضة أوجبها على العباد، ومحنة امتحنهم بها، وفرقانا ميّز به بينهم، فمن أصبح من رعيته أكثر شغله أن يستعمل لسانه فى صفته، وذكر محاسنه وفضائله، ووجوب حقه وطاعته، فقد أصبح آثرا أولى الأمور وأحسنها مغبّة فى دنياه ودينه، ومن بدّل ذلك عن قدرة عليه، ودفعه بعد معرفة، فلم يدعه إلا عن خذلان حاق به، أو بدعة استمالته، وكانت حجّة الله لأمير المؤمنين عليه هى الكافية لمئونته، وقد كان علماء الناس وجهّالهم يسوّون فى عامّ المعرفة بفضل أمير المؤمنين، فأما الخاصّ فلأهل الفضل فيه فضلهم، غير أنه مهما كان من ذلك فقد أصبحوا وهم فيه على منازل ثلاث: حاسد حجب الحسد


(١) الحلب بالتحريك: اللبن المحلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>