للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غفل فليحدثهما، والصّبر الصّبر، فإن المعونة تأتى من الله على قدر النية، والاجر على قدر الحسبة، والحذر الحذر على من أنت عليه، وما أنت بسبيله، واسألوا الله العافية، وأكثروا من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله» واكتب إلىّ: أين بلغك جمعهم؟ ومن رأسهم الذى يلى مصادمتكم؟ فإنه قد منعنى من بعض ما أردت الكتاب به، قلّة علمى بما هجمتم عليه، والذى استقرّ عليه أمر عدوكم، فصف لنا منازل المسلمين، والبلد الذى بينكم وبين «المدائن» صفة كأنى أنظر إليها، واجعلنى من أمركم على الجليّة (١) وخف الله وارجه، ولا تدلّ بشئ، واعلم أن الله قد وعدكم، وتوكّل لهذا الأمر بما لا خلف له، فاحذر أن تصرفه عنك، ويستبدل بكم غيركم».

(تاريخ الطبرى ٤: ٨٩)

[١٩٢ - رد سعد على كتاب عمر]

فكتب إليه سعد بصفة البلدان:

«القادسية بين الخندق والعتيق، وإن ما عن يسار القادسية بحر أخضر فى جوف (٢) لاح إلى الحيرة بين طريقين، فأمّا أحدهما فعلى الظّهر، وأما الآخر فعلى شاطئ نهر يدعى «الحضوض (٣)» يطلع بمن سلكه على ما بين الخورنق والحيرة، وإن ما عن يمين القادسية إلى الولجة فيض من فيوض مياههم، وإن جميع من صالح المسلمين من أهل السّواد قبلى ألب (٤) لأهل فارس قد خفّوا لهم، واستعدّوا لنا، وإن الذى أعدّوا لمصادمتنا رستم فى أمثال له منهم، فهم يحاولون إنغاضنا (٥) وإقحامنا، ونحن نحاول إنغاضهم وإبرازهم، وأمر الله بعد ماض، وقضاؤه مسلّم إلى ما قدّر لنا وعلينا، فنسأل الله خير القضاء، وخير القدر فى عافية».

(تاريخ الطبرى ٤: ٩٠، ومعجم البلدان ٧: ٦)


(١) الجلية: الخبر اليقين.
(٢) الجوف: المطمئن من الأرض، ومكان لاح ولحح ككتف ولحلح كجعفر: أى ضيق.
(٣) ضبطه صاحب القاموس فقال: كصبور: نهر كان بين القادسية والحيرة.
(٤) يقال: هم عليه ألب واحد: أى مجتمعون عليه بالظلم والعداوة.
(٥) أنغضه: حركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>