للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضيّع حقه من لم يرفق به، وآس بين الناس فى لحظك وطرفك، وعليك بالصلح بين الناس ما لم يستبن لك فصل القضاء (١)».

(البيان والتبيين ٢: ٧٥، والعقد الفريد ١: ٢٧، وكتاب الخراج لأبى يوسف ص ١٤٠)

[١٦٢ - كتاب عمر إلى عمرو بن العاص]

ولمّا قدم عمر الشام سنة ١٨ هـ خلا به عمرو بن العاص، وجعل يرغّبه فى فتح مصر، وما زال به حتى أجابه فعقد له على أربعة آلاف رجل، وقال له: سر وأنا مستخير الله فى مسيرك، وسيأتى كتابى إليك سريعا إن شاء الله، فإن أدركك كتابى وأمرتك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها، أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابى فامض لوجهك. واستعن بالله واستنصره، فسار إليها عمرو، واستخار عمر الله فكأنه تخوف على المسلمين فى وجههم ذلك، فكتب إلى عمرو ابن العاص أن ينصرف بمن معه من المسلمين، فأدرك الكتاب عمرا وهو برفح، فتخوّف إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر، فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش، فسأل عنها فقيل إنها من مصر، فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين، ثم قال: ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر؟ قالوا: بلى، فقال: إن أمير المؤمنين عهد إلىّ وأمرنى إن لحقنى كتابه ولم أدخل مصر أن أرجع، وإن لم يلحقنى كتابه حتى دخلنا أرض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله، وكان كتاب عمر إليه:


(١) روى أبو يوسف فى كتاب الخراج هذا الكتاب، وذكر أنه كتبه عمر إلى أبى عبيدة بالشأم، وقد جاء فيه موضع قوله: «وإنما ضيع حقه من لم يرفق به» هذه العبارة «وإن الذى أبطل من لم يرفع به رأسا» وهو تحريف، وصوابه «وإنما الذى أبطل حقه من لم يرفع له رأسا» أو هو: «وإنما الذى أبطل حفه من لم يرفق به، وآس ... » ثم حرف «وآس» إلى «رأسا». ورواه ابن أبى الحديد فى شرحه جزءا من كتاب كتبه عمر إلى أبى موسى الأشعرى كما سيرد عليك بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>