للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يدخلك عجب فتخسر وتذلّ، وإياك أن تدلّ بعمل، فإن الله له المنّ، وهو ولىّ الجزاء».

(تاريخ الطبرى ٤: ٢٦، ٤٠)

[٩٣ - كتاب أبى بكر إلى أهل اليمن]

ولما أزمع أبو بكر رضى الله عنه فتح الشأم، استنفر الناس لجهاد الروم، فنفروا إليه، ثم رأى أن يكتب كتابا إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الجهاد، ويرغّبهم فى ثوابه، فكتب إليهم:

«بسم الله الرحمن الرحيم. من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من قرئ عليه كتابى هذا من المؤمنين والمسلمين من أهل اليمن، سلام عليكم، فإنى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو. أما بعد: فإن الله كتب على المؤمنين الجهاد، وأمرهم أن ينفروا خفافا وثقالا، وقال: «جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فالجهاد فريضة مفروضة، وثوابه عند الله عظيم، وفد استنفرنا من قبلنا من المسلمين إلى جهاد الروم بالشام، وقد سارعوا إلى ذلك وعسكروا وخرجوا، وحسنت فى ذلك نيّتهم، وعظمت فى الخير حسبتهم (١)، فسارعوا عباد الله إلى ما سارعوا إليه، ولتحسن نيّتكم فيه، فإنكم إلى إحدى الحسنيين: إما الشّهادة، وإما الفتح والغنيمة، فإن الله تبارك وتعالى لم يرض من عباده بالقول دون العمل، ولا يترك أهل عداوته حتى يدينوا بدين الحق، ويقرّوا بحكم الكتاب، أو يؤدّوا الجزية عن يد (٢) وهم صاغرون، حفظ الله لكم دينكم، وهدى قلوبكم، وزكىّ أعمالكم، ورزقكم أجر المجاهدين الصابرين، والسلام عليكم».

(فتوح الشام ص ٥، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ١: ١٢٨)


(١) الحسبة: الأجر، واسم من الاحتساب. احتسب بكذا أجرا عند الله: اعتده ينوى به وجه الله.
(٢) انظر هامش ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>