فلما ورد على عمرو كتاب أبى عبيدة سار إلى إيلياء «بيت المقدس» وكتب إلى بطارقتها:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من عمرو بن العاص إلى بطارقة إيلياء، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله العظيم الذى لا إله إلا هو، ومحمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فإنا نثنى على ربنا خيرا، ونحمده حمدا كثيرا كما رحمنا بنبيّه، وشرّفنا برسالته، وأكرمنا بدينه، وأعزّنا بطاعته، وأكرمنا بتوحيده والإخلاص بمعرفته، فلسنا- والحمد لله- نجعل له ندّا، ولا نتخذ من دونه إلها، لقد قلنا إذن شططا، سبحانه وبحمده وجلّ ثناؤه، والحمد لله الذى جعلكم شيعا، وجعلكم فى دينكم أحزابا بكفركم بربكم، فكلّ حزب بما لديهم فرحون. فمنكم من يزعم أن لله ولدا، ومنكم من يزعم أن الله ثانى اثنين، ومنكم من يزعم أن الله ثالث ثلاثة، فبعدا لمن أشرك بالله وسحقا، تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا، والحمد لله الذى قتل بطارقتكم، وسلب عزكم، وطرد من هذه البلاد ملوككم، وأورثنا أرضكم ودياركم وأموالكم، وأذلكم بكفركم بالله، وشرككم به، وترككم ما دعوناكم إليه من الإيمان بالله ورسوله، فأعقبكم الله الجوع والخوف والذلّ بما كنتم تصنعون، فإذا أتاكم كتابى هذا فأسلموا تسلموا، وإلّا فأقبلوا إلينا حتى أكتب لكم كتابا أمانا على دمائكم وأموالكم، وأعقد لكم عقدا تؤدّوا إلىّ الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإلّا فو الله الذى لا إله إلا هو لأرمينّكم بالخيل بعد الخيل، وبالرجال بعد الرجال، ثم لا أقلع عنكم حتى أقتل المقاتلة، وأسبى الذرية، وتكونوا كأمة كانت، فأصبحت كأنها لم تكن».