للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٦٥ - كتاب الرشيد إلى عماله]

وكتب الرشيد إلى عمّاله فى هذا الشأن:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فإن الله ولىّ أمير المؤمنين وولىّ ما ولّاه، والحافظ لما استرعاه وأكرمه به من خلافته وسلطانه، والصانع له فيما قدّم وأخّر من أموره، والمنعم عليه بالنصر والتأييد فى مشارق الأرض ومغاربها، والكالئ (١) والحافظ والكافى من جميع خلقه، وهو المحمود على جميع آلائه (٢)، المسئول تمام حسن ما أمضى من قضائه لأمير المؤمنين، وعادته الجميلة عنده، وإلهام ما يرضى به، ويوجب له عليه أحسن المزيد من فضله.

وقد كان من نعمة الله عز وجل عند أمير المؤمنين وعندك وعند عوامّ المسلمين، ما تولّى الله من محمد وعبد الله ابنى أمير المؤمنين، من تبليغه بهما أحسن ما أمّلت الأمة، ومدّت إليه أعناقها، وقذف الله لهما فى قلوب العامّة من المحبة والمودّة والسكون إليهما والثّقة بهما، لعماد دينهم، وقوام أمورهم، وجمع ألفتهم، وصلاح دهمائهم (٣)، ودفع المحذور والمكروه من الشّتات والفرقة عنهم، حتى ألقوا إليهما أزمّتهم، وأعطوهما بيعتهم، وصفقات أيمانهم بالعهود والمواثيق ووكيد الأيمان المغلّظة عليهم، أراد الله فلم يكن له مردّ، وأمضاه فلم يقدر أحد من العباد على نقضه ولا إزالته، ولا صرف له عن محبته ومشيئته، وما سبق فى علمه منه، وأمير المؤمنين يرجو تمام النعمة عليه وعليهما فى ذلك وعلى الأمة كافّة، لا عاقب لأمر الله، ولا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه.

ولم يزل أمير المؤمنين منذ اجتمعت الأمة على عقد العهد لمحمد ابن أمير المؤمنين من


(١) أى الحارس والحافظ.
(٢) الآلاء: النعم، واحدها إلى كحمل، وألو وألى كشمس وألى كفتى وإلى كغنى.
(٣) الدهماء: جماعة الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>