للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أمير المؤمنين، ولعبد الله ابن أمير المؤمنين من بعد محمد ابن أمير المؤمنين، يعمل فكره ورأيه ونظره ورويته فيما فيه الصلاح لهما ولجميع الرعية، والجمع للكلمة، واللّمّ للشّعث، والدّفع للشّتات والفرقة، والحسم لكيد أعداء النّعم، من أهل الكفر والنفاق، والغلّ والشقاق، والقطع لآمالهم من كل فرصة يرجون إدراكها وانتهازها منهما بانتقاص حقهما، ويستخير الله أمير المؤمنين فى ذلك، ويسأله العزيمة له على ما فيه الخيرة لهما ولجميع الأمة، والقوة فى أمر الله وحقّه، وائتلاف أهوائهما، وصلاح ذات بينهما، وتحصينهما من كيد أعداء النعم، وردّ حسدهم ومكرهم وبغيهم وسعيهم بالفساد بينهما فعزم الله لأمير المؤمنين على الشّخوص بهما إلى بيت الله وأخذ اليبعة منهما لأمير المؤمنين بالسمع والطاعة والإنفاذ لأمره، واكتتاب الشّرط على كل واحد منهما، لأمير المؤمنين ولهما، بأشدّ المواثيق والعهود وأغلظ الأيمان والتوكيد، والأخذ لكل واحد منهما على صاحبه، بما التمس به أمير المؤمنين اجتماع ألفتهما ومودّتهما وتواصلهما وموازرتهما ومكانفتهما على حسن النظر لأنفسهما ولرعية أمير المؤمنين التى استرعاهما، والجماعة لدين الله عز وجل وكتابه وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم، والجهاد لعدوّ المسلمين من كانوا وحيث كانوا، وقطع طمع كل عدوّ مظهر للعداوة ومسرّ لها وكل منافق مارق وأهل الأهواء الضّالّة المضلّة من فرقة تكيذ بكيد توقعه بينهما، وبدحس تدحس (١) به لهما، وما يلتمس أعداء الله وأعداء النعم وأعداء دينه، من الضرب بين الأمة، والسعى بالفساد فى الأرض، والدعاء إلى البدع والضلالة، نظرا من أمير المؤمنين لدينه ورعيته وأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ومناصحة لله ولجميع المسلمين، وذبّا عن سلطان الله الذى قدّره وتوحّد فيه للذى حمّله إياه، والاجتهاد فى كل ما فيه قربة إلى الله، وما ينال به رضوانه والوسيلة عنده.

فلمّا قدم مكّة أظهر لمحمد وعبد الله رأيه فى ذلك، وما نظر فيه لهما، فقبلا كل


(١) دحس بينهما: كمنع دحسا: أفسد، ودحس بالشر: دسه من حيث لا يعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>