للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعتها، فاتّق الله واذكر موقف القيامة، وأقلع عما أسرفت فيه من الخوض فى دماء المسلمين، وإنى سمعت رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ولو تمالأ (١) أهل صنعاء وعدن على قتل رجل واحد من المسلمين، لأكبّهم الله على مناخرهم فى النار» فكيف يكون حال من قتل أعلام المسلمين، وسادات المهاجرين، بله (٢) ما طحنت رحى حربه من أهل القرآن، وذوى العبادة والإيمان، من شيخ كبير، وشابّ غرير (٣)، كلّهم بالله تعالى مؤمن، وله مخلص، وبرسوله مقرّ عارف، فإن كنت- أبا حسن- إنما تحارب على الإمرة والخلافة، فلعمرى لو صحّت خلافتك لكنت قريبا من أن تعذر فى حرب المسلمين، ولكنها ما صحّت لك، أنّى بصحّتها، وأهل الشأم لم يدخلوا فيها، ولم يرتضوها؟ وخف الله وسطواته، واتّق بأسه ونكاله، وأغمد سيفك عن الناس، فقد والله أكلتهم الحرب، فلم يبق منهم إلا كالثّمد (٤) فى قرارة الغدير، والله المستعان».

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٣٠٢)

٤٤٤ - رد علىّ على معاوية

فكتب علىّ عليه السلام إليه جوابا عن كتابه:

«من عبد الله على أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبى سفيان.


(١) تمالئوا على الأمر اجتمعوا، وكبه وأكبه وكبكبه: قلبه وصرعه، والمناخر جمع منخر بفتح الميم والخاء وبكسرهما وضمهما وكمجلس: وهو الأنف.
(٢) قال جماعة من أهل اللغة: بله معناها على، وقال الفراء: من خفض بها جعلها بمنزلة على وما أشبهها من حروف الخفض، فالمعنى: زد قتله أعلام المسلمين على طحن رحى حربه أهل القرآن، وضمه إليه، وذكر النحويون أن بله تستعمل اسم فعل بمعنى اترك فينصب ما بعدها بالمفعولية (والمعنى حينئذ:
دع واترك طحن رحى حربه أهل القرآن وذوى العبادة، فإنه أشد وأفظع) ومصدرا بمعنى الترك فيجر ما بعدها بالإضافة، واسم استفهام بمعنى كيف. فتكون خبرا مقدما ويرفع ما بعدها على الابتداء.
(٣) الغرير والغر بالكسر: الشاب لا تجربة له.
(٤) الثمد كشمس وسبب وكتب: الماء القليل لا مادة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>