للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يتفرقوا إن لم يفقهوا، والصق بغيلان بن خرشة من بينهم، وعد مرضى المسلمين، واشهد جنائزهم، وافتح بابك لهم، وباشر أمرهم بنفسك، فإنما أنت امرؤ منهم.

غير أن الله جعلك أثقلهم حملا.

وقد بلغ أمير المؤمنين أنه فشت لك ولأهل بيتك هيئة فى لباسك ومطعمك ومركبك ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة التى مرّت بواد خصب، فلم يكن لها همّة إلا السّمن، وإنما حتفها فى السّمن.

واعلم أن للعامل مردّا إلى الله، فإذا زاغ العامل زاغت رعيته. وأن أشقى الناس من شقيت به رعيّته، والسلام».

(البيان والتبيين ٢: ١٥٥، والعقد الفريد ١: ٢٨)

*** وجاء فى كتاب الخراج لأبى يوسف:

كتب عمر رضى الله عنه إلى أبى موسى:

«أما بعد: فإنّ أسعد الرّعاة عند الله من سعدت به رعيّته، وإن أشقى الرّعاة من شقيت به رعيّته، وإياك أن تزيغ فيزيغ عمّالك، فيكون مثلك عند الله مثل الهيمة: نظرت إلى خضرة من الأرض فرتعت فيها، تبتغى بذلك السّمن، وإنما حتفها فى سمها، والسلام (١)».

(كتاب الخراج ص ١٧)

[٢١٢ - كتاب عمر إلى أبى موسى]

وكتب إلى أبى موسى وهو بالبصرة:

«بلغنى أنك تأذن للناس الجمّاء الغفير (٢)، فإذا جاءك كتابى هذا فأذن لأهل الشّرف، وأهل القرآن والتقوى والدين، فإذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة، ولا تؤخّر


(١) أورد ابن أبى الحديد أيضا هذا الكتاب فى شرحه (م ٣: ص ١١٩) وقال فى ديباجته كتبه عمر إلى بعض عماله، وفيه «فتزيغ رعيتك» محل «فيزيغ عمالك».
(٢) تقول: جاءوا الجماء الغفير: أى جاءوا مجتمعين كثيرين، وأصل الجماء من الجموم وهو الاجتماع والكثرة، والغفير من الغفر (كشمس) وهو التغطية والستر، فجعلت الكلمتان فى موضع الشمول والإحاطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>