للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١٧ - كتاب عبد الله بن يزيد إلى ابن صرد]

فلما استهلّ هلال ربيع الآخر سنة ٦٥ هـ خرج سليمان بن صرد فى أصحابه إلى النّخيلة، وبلغ ذلك عبد الله بن يزيد الأنصارى أمير الكوفة من قبل ابن الزبير- وكان ابن الزبير ولّاه أميرا عليها على حربها وثغرها، وولى إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله أميرا على خراجها- فخرجا إليه، وحاولا أن يثنياه عن رأيه فأبى، وأجمع القوم على الشّخوص واستقبال عبيد الله بن زياد.

ثم أدلج (١) ابن صرد عشيّة الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر، وقد كتب إليه عبد الله بن يزيد:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن يزيد إلى سليمان بن صرد ومن معه من المسلمين، سلام عليكم، أما بعد: فإن كتابى هذا إليكم كتاب ناصح ذى إرعاء (٢)، وكم من ناصح مستغشّ، وكم من غاشّ مستنصح محبّ، إنه بلغنى أنكم تريدون المسير بالعدد اليسير إلى الجمع الكثير، وإنه من يرد أن ينقل الجبال عن مراتبها (٣) تكلّ معاوله، وينزع وهو مذموم العقل والفعل، يا قومنا لا تطمعوا عدوّكم فى أهل بلادكم، فإنكم خيار كلكم، ومتى ما يصبكم عدوّكم يعلموا أنكم أعلام (٤) مصركم فيطمعهم ذلك فيمن وراءكم، يا قومنا «إنّهم إن يظهروا (٥) عليكم يرجموكم أو يعيدوكم فى ملّتهم ولن تفلحوا إذن أبدا» يا قومنا إن أيدينا وأيديكم اليوم واحدة، وإن عدوّنا وعدوكم واحد، ومتى تجتمع كلمتنا نظهر على


(١) أدلج: سار من أول الليل، فإن سار من آخره فادلج بالتشديد.
(٢) أرعى على أخيه: أبقى عليه.
(٣) المراتب: جمع مرتبة، وهى المنزلة، من رتب رتوبا إذا ثبت واستقر ولم يتحرك: أى عن أماكنها التى رتبت بها، وربما كان الأصل «عن مراسيها».
(٤) جمع علم بالتحريك، وهو سيد القوم.
(٥) ظهر عليه: غلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>