كتاب جمهرة رسائل العرب في عصور العربية

فى الزمان خلافة الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه - ٤٠٦ - كتاب معاوية إلى على - ج: 1 - ص: 366

٤٠٦ - كتاب معاوية إلى علىّ

روى ابن أبى الحديد قال:

كتب معاوية إلى علىّ:

«من معاوية بن أبى سفيان إلى علىّ بن أبى طالب:

أما بعد: فإنا بنى عبد مناف لم نزل من قليب (١) واحد، ونجرى فى حلبة واحدة، ليس لبعضنا على بعض فضل، ولا لقائمنا على قاعدنا فخر، كلمتنا مؤتلفة، وألفتنا جامعة، ودارنا واحدة، يجمعنا كرم العرق (٢)، ويحوينا شرف النّجار، ويحنو قويّنا على ضعيفنا، ويواسى غنيّنا ففيرنا، قد خلصت قلوبنا من غلّ الحسد، وطهرت أنفسنا من خبث النيّة، فلم نزل كذلك حتى كان منك ما كان من الإدهان (٣) فى أمر ابن عمك والحسد له، وتضريب (٤) الناس عليه! حتى قتل بمشهد منك لا تدفع عنه بلسان ولا يد، فليتك أظهرت نصره حيث أسررت ختره (٥)، فكنت كالمتعلّق بين الناس بعذر وإن ضعف، والمتبرّى من دمه بدفع وإن وهن، ولكنك جلست فى دارك تدسّ إليه الدواهى، وترسل إليه الأفاعى، حتى إذا قضيت وطرك (٦) منه أظهرت شماتة، وأبديت طلاقة، وحسرت (٧) للأمر عن ساعدك، وشمّرت عن ساقك، ودعوت الناس إلى نفسك، وأكرهت أعيان المسلمين على بيعتك.

ثم كان منك بعد ما كان من قتلك شيخى المسلمين أبى محمد طلحة، وأبى عبد الله

---

(١) القليب: البئر، والمعنى: من أصل واحد، والحلبة: الخيل تجتمع للسباق.
(٢) العرق. أصل كل شئ، والنجار: الأصل أيضا.
(٣) الإدهان: الغش وإظهار خلاف ما يضمر، وعنى بابن عمه عثمان.
(٤) التضريب بين الناس: الإغراء.
(٥) الختر: الغدر والخديعة، أو أقبح الغدر.
(٦) الوطر: الحاجة.
(٧) حسر عن ساعده: كضرب: كشف.