للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينكشف عنك المرد، فإن شئت فسر، وإن شئت فقرّ، ولا أرى الإقامة لك إلا ريث أن يأتيك ما أوعدك [فإنى وإياك كالزجاجة والحجر: إن وقع عليها رضّها، وإن وقعت عليه فضّها (١)] فاتمر أمرك، فإنك غير مكذّب، ولا ناكص (٢)، والسلام». (اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٤٢٠، ونثر الدرر ٣: ٢٥٦)

[٥٠٥ - رسالة عبد الحميد بن يحيى الكاتب عن مروان إلى ابنه عبد الله بن مروان]

وكتب عبد الحميد بن يحيى الكاتب عن مروان بن محمد إلى ابنه عبد الله بن مروان، حين وجّهه لمحاربة الضحّاك بن قيس الشّيبانى الخارجى (٣):

«أما بعد، فإن أمير المؤمنين- عند ما اعتزم عليه، من توجيهك إلى عدوّ الله الجلف الجافى الأعرابى المتسكّع (٤) فى حيرة الجهالة، وظلم الفتنة، ومهاوى الهلكة، ورعاعه الذين عاثوا (٥) فى أرض الله فسادا، وانتهكوا حرمة الإسلام استخفافا، وبدّلوا نعم الله كفرا، واستحلّوا دماء أهل سلمه جهلا- أحبّ أن يعهد إليك فى لطائف (٦) أمورك، وعوامّ شئونك، ودخائل أحوالك، ومصطرف (٧) تنقّلك، عهد يحمّلك فيه أدبه، ويشرع لك به عظته، وإن كنت- والحمد لله- من دين الله وخلافته


(١) لم يرد فى نثر الدرر من هذه الرسالة إلا ما بين القوسين.
(٢) نكص عن الأمر: أحجم ورجع.
(٣) خرج الضحاك سنة ١٢٧ هـ وغلب على الكوفة-، ثم استولى على الموصل وكورها سنة ١٢٨ هـ، وبلغ مروان خبره وهو محاصر حمص مشتغل بقتال أهلها، فكتب إلى ابنه عبد الله وهو خليفته بالجزيرة، يأمره أن يسير فيمن معه إلى نصيبين ليشغل الضحاك عن توسط الجزيرة، فشخص عبد الله إلى نصيبين وهو فى نحو من سبعة آلاف أو ثمانية، وسار إليه الضحاك من الموصل فقاتله، فلم يكن لعبد الله قوة لكثرة من مع الضحاك، إذ قيل إنه كان فى عشرين ومائة ألف، ثم إن مروان سار إليه فالتقيا بأرض كفرتوثا من أعمال ماردين فقاتله، وأحدقت بهم خيول مروان فألحوا عليهم حتى قتلوهم، وبعث مروان برأس الضحاك إلى مدائن الجزيرة فطيف به فيها- انظر تاريخ الطبرى ٩: ٧٦.
(٤) تسكع: مشى مشيا متعسفا، وتمادى فى الباطل.
(٥) أفسدوا.
(٦) جمع لطيف وهو الدقيق، لطف ككرم صغر ودق.
(٧) اصطرف، تصرف فى طلب الكسب. وفى المنظوم والمنثور «ومضطرب» من اضطرب: أى تحرك وهو افتعل من ضرب فى الأرض: إذا خرج تاجرا أو غازيا، أو سار فيها فى ابتغاء الرزق.

<<  <  ج: ص:  >  >>