للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الخلاف تقدّمه، وتصدّع عن ابن الحضرمى كثير ممن كان يريد نصرته، فكان كذلك حتى أمسى، فأتى فى رحله، فبيّته نفر من هذه الخارجة المارقة، فأصيب رحمه الله تعالى، فأردت أن أناهض ابن الحضرمى عند ذلك، فحدث أمر قد أمرت صاحب كتابى هذا أن يذكره لأمير المؤمنين (١)، وقد رأيت- إن رأى أمير المؤمنين ما رأيت- أن يبعث إليهم جارية بن قدامة، فإنه نافذ البصيرة مطاع فى العشيرة، شديد على عدوّ أمير المؤمنين، فإن يقدم يفرّق بينهم بإذن الله، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته».

(شرح ابن أبى الحديد م ١ ص ٣٥٣، وتاريخ الطبرى ٦: ٦٤)

٥٢٨ - كتاب علىّ إلى أهل البصرة

فبعث إليهم علىّ عليه السلام جارية بن قدامة، وكتب معه كتابا إلى أهل البصرة، وفيه:

«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابى هذا من ساكنى البصرة من المؤمنين والمسلمين:

سلام عليكم، أما بعد: فإن الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البيّنة، ولا يأخذ المذنب عند أول وهلة، ولكنه يقبل التوبة، ويستديم الأناة، ويرضى بالإنابة، ليكون أعظم للحجّة، وأبلغ فى المعذرة.

وقد كان من انتشار حبلكم وشقاقكم ما لم تغبوا (٢) عنه، فعفوت عن مجرمكم، ورفعت السيف عن مدبركم، وقبلت من مقبلكم، وأخذت بيعتكم فإن تفوا ببيعتى، وتقبلوا نصيحتى، وتستقيموا على طاعتى، أعمل فيكم بالكتاب والسنة، وقصد الحق،


(١) أراد زياد أن يناهض ابن الخضرمى- حين قتل أعين- بجماعة من معه من الازد وغيرهم من شيعة على عليه السلام. فأرسل بنو تميم إلى الأزد: والله ما عرضنا لجاركم إذ أجرتموه، ولا لمال هو له، ولا لأحد ليس على رأينا، فما تريدون إلى حربنا وإلى جارنا؟ فكان الأزد عند ذلك كرهت قتالهم ..
(٢) غبى عن الشئ وغبيه كفرح: إذا لم يفطن له.

<<  <  ج: ص:  >  >>