للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - كتاب ابن عباس إلى معاوية]

وكتب عبد الله بن عباس من البصرة إلى معاوية:

«أما بعد: فإنك ودسّك أخا بنى القين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش مثل ما ظفرت به من يمانيتك لكما قال أميّة بن الأسكر (١):

لعمرك إنّى والخزاعىّ طارقا ... كنعجة غادت حتفها تتحفّر (٢)

أثارت عليها شفرة بكراعها ... فظلّت بها من آخر الليل تنحر (٣)

شمتّ بقوم هم صديقك أهلكوا ... أصابهم يوم من الدهر أعسر

(الأغانى ١٨: ١٦٢، وشرح ابن أبى الحديد م ٤: ص ١٢)

[٥ - رد معاوية على ابن عباس]

فأجابه معاوية:

«أما بعد: فإن الحسن بن علىّ قد كتب إلىّ بنحو مما كتبت به، وأنّبنى بما لم يحقّق سوء ظن ورأى فىّ، وإنك لم تصب مثلى ومثلكم، وإنما مثلنا كما قال طارق الخزاعى يجيب أميّة عن هذا الشعر:


(١) فى شرح ابن أبى الحديد «أمية بن أبى الصلت» وهو خطأ، روى صاحب الأغانى قال: أصيب قوم من بنى جندع (كبرقع) بن ليث بن بكر بن هوازن رهط أمية بن الأسكر يقال لهم بنو زبينة (كصحيفة) ابن جندع، أصابهم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع فى غزوته بنى المصطلق وكانوا جيرانه يومئذ ومعهم ناس من بنى لحيان (بالكسر) من هذيل، ومع بنى جندع رجل من خزاعة يقال له طارق، فاتهمه بنو ليث بهم وأنه دل عليهم، وكانت خزاعة مسلمها ومشركها يميلون إلى النبى صلى الله عليه وسلم على قريش، فقال أمية بن الأسكر: لعمرك إنى والخزاعى .... فى أبيات، فأجابه طارق الخزاعى:
لعمرك ما أدرى .... ».
(٢) غادت: باكرت، والحتف: الموت، ومنع نعجة من الصرف للضرورة.
(٣) الشفرة: السكين العظيم، والكراع من الغنم والبقر: مستدق الساق وهو بمنزلة الوظيف من الفرس، وجاء فى المثل: «كالباحث عن المدية» ويروى «عن الشفرة» وفى آخر: «كباحثة عن حتفها بظلفها» وأصله أن رجلا كان جائعا بالفلاة القفر، فوجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به فبحثت الشاة الأرض بأظلافها، فسقطت على شفرة فذبحها بها، يضرب لكل من أعان على نفسه بسوء تدبيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>