للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٦٨ - بين عبد الملك وهشام بن إسماعيل]

«وكان عامل عبد الملك على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومىّ، فكتب إليه عبد الملك أن يدعو الناس لبيعة الوليد وسليمان، فدعا الناس إلى البيعة فبايعوا ودعا سعيد ابن المسيّب (١) أن يبايع لهما، فأبى، وقال: لا، حتى أنظر، فضربه هشام ستين سوطا وطاف به فى تبّان (٢) شعر وحبسه، وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه، وما كان من أمره:

فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع، ويقول: «سعيد والله كان أحوج أن تصل رحمه (٣) من أن تضربه، وإنا لنعلم: ما عنده من شقاق ولا خلاف».

هذا ما رواه الطبرى، وروى ابن خلّكان فى وفيات الأعيان. قال: قال يحيى ابن سعيد: كتب هشام بن إسمعيل والى المدينة إلى عبد الملك بن مروان:

«إن أهل المدينة قد أطبقوا (٤) على البيعة الوليد وسليمان إلا سعيد بن المسيب».

فكتب إليه أن:

«اعرضه على السيف، فإن مضى (٥) فاجلده خمسين جلدة، وطف به أسواق المدينة». (تاريخ الطبرى ٨: ٦، ووفيات الأعيان ١: ٢٠٧)


(١) قال ابن خلكان فى ترجمته: «هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبى وهب بن عمرو ابن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى المدنى أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان سيد التابعين من الطراز الأول، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع، وكانت ولادته لسنتين مضتا من خلافة عمر رضى الله عنه، وتوفى بالمدينة سنة إحدى وقيل اثنتين وقيل ثلاث وقيل أربع وقيل خمس وتسعين وقيل خمس ومائة للهجرة، والمسيب بفتح الياء المشددة. وروى عنه أنه كان يقول بكسر الياء ويقول: سيب الله من يسيب أبى- ج ١: ص ٢٠٦ - وروى ياقوت فى معجم البلدان قال. «لما مات العبادلة- عبد الله ابن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص- صار الفقه فى جميع البلدان إلى الموالى. فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبى رباح، وفقيه أهل اليمن طاوس، وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبى كثير، وفقيه أهل البصرة الحسن البصرى، وفقيه أهل الكوفة إبراهيم النخعى، وفقيه أهل الشأم مكحول، وفقيه أهل خراسان عطاء الخراسانى، إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشى، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيب» - انظر ج ٣: ص ٤١٢ - .
(٢) التبان كرمان: سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط يكون للملاحين.
(٣) لأنه مخزومى مثله كما رأيت فى نسبه.
(٤) أى أجمعوا.
(٥) أى صمم وتشبث برأيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>