للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقدره منكرا، بطرف أو وجد قلب أو بأدنى جزع، وإن خلصت فى التسليم لذلك نيّتك دون تحقيقه بقولك، وتصديقه بفعلك، فإن الله لم يرض من طيّب (١) خلقه ومن أثنى عليه بصالح عمله، إلا بباطن مع ظاهر، وظاهر مع باطن، ولم يحمل كلّا إلا على قدر طاقته، ومبلغ عمله، فيما قرّب من طاعته، وجانب معصيته، ولم يجعل لك عذرا فى تقصير عن شكر نعمه عليك، وإحسانه فى كل الحالات إليك، ورحم الله أبا الهزبر، وجعل ما نقله إليه خيرا ثوابا وأملا، وخيرا عقبا ومردّا، وأرجو أن يفعل الله ذلك به، لما كان عليه فى دينه ونفسه وكريم خلقه، وما متّعه الله به من لسان الناس فيه، وأصحبه إياه من حسن الثناء عليه، وعوّضك الله من فقده وما عدمت من الأنس به السعادة فى دنياك ودينك، حتى تلقاه على أفضل حالات أملك، وأوفاها له فيما تؤثر من طاعته، وأبلغها فى شكر نعمته، وما قدّمك به على كثير من خلقه فيما تراه ويرى بك من فضله، جعلنا الله وإياك من الموفّقين بالعصمة، والآمنين من عذاب يوم القيامة، ولا أعدمنا الأنس بك، والمتاع بطول بقائك».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٢٣)

[١٧٩ - كتاب إسحق بن الخطاب إلى زيد بن الفرج]

وكتب إسحق بن الخطّاب إلى زيد بن الفرج يعزّيه عن أمه:

«أسأل الله أن يعصمك بعصمة التقوى، ويوفّقك من العمل لما يحبّ ويرضى، وإنا وخلق الله كلّهم إليه راجعون، إن الإكثار من العظة لا يغنى عن ذى الجهالة، والاقتصار على الكفاية لا يخلّ بذى المعرفة، وعندك مما كنت تعظ به غيرك ما قد احتجنا إلى الانتفاع به فى نفسك، وكفى بالله واعظا، وبما وعد من ثوابه معزّيا، ولست أصغّر مصيبتك بوالدتك، ولا أهوّن ما نزل بك فيها، بل أعظّمها وأجلّها


(١) فى الأصل «طسه».

<<  <  ج: ص:  >  >>