للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد: فإن أمر (١) المؤمنين كأعضاء البدن: تحدث العلّة فى بعضها فيكون كره ذلك مؤلما لجميعها، وكذلك الحدث فى المسلمين، يكون فى بعضهم فيصل كره ذلك إلى سائرهم، للّذى يجمعهم من شريعة دينهم، ويلزمهم من حرمة آخرتهم، ثم ذلك من الأئمة أعظم، للمكان الذى به الأئمة من سائر أممهم، وقد كان من الخبر ما لا أحسبه إلا سيعود عن مجيئه، ويسفر (٢) عما ستر، وما اختلف مختلفان فكان أحدهما أزمع (٣) على الغدر إلّا كان أول معونة المسلمين وموالاتهم فى ذات الله، وأنت- يرحمك الله- من الأمر بمرأى ومسمع، وبحيث إن قلت آذن (٤) لقولك، وإن لم تجد للقول مساغا فأمسكت عن مخوف، أقتد فيه بك، ولن يضيع على (٥) الله ثواب الإحسان، مع ما يجب علينا بالإحسان من حقّك، ولحظّ حاز لك النصيبين أو أحدهما أمثل من الإشراف لأحد الحظّين مع التعرّض لعدمهما (٦)، فاكتب إلىّ برأيك، وأعلم ذلك لرسولى، ليؤدّيه إلىّ عنك إن شاء الله».

(تاريخ الطبرى ١٠: ١٣٥)

[١٩٦ - كتاب المامون إلى على بن عيسى بن ماهان]

وكان علىّ بن عيسى بن ماهان ممن مالأ على خلع المأمون من البيعة، فكتب إليه المأمون لما بلغه ما عزم عليه:


(١) فى الأصل «أمير المؤمنين» وهو تحريف.
(٢) من سفرت المرأة كضرب: كشفت عن وجهها.
(٣) أزمع الأمر وعليه: أجمع وثبت عليه.
(٤) أذن إليه وله كفرح: استمع.
(٥) أى عند الله.
(٦) معنى ذلك أن من نهض لنصرتنا حظى بالنصيبين: ثواب الله ومكافأتنا له، أو بالنصيب الأول على الأقل إن لم يقدر لنا النجاح والظفر لأنه يدفع عن الحق ويعين فى ذات الله، وذلك أفضل له وأولى به من الميل مع الأمين، فإنه حينئذ يستشرف مكافأة الأمين له فحسب- ويفوته ثواب الله- وقد تكون والدبرة على الأمين، فيفقد ناصره الحظين جميعا (ذلك إلى أنه يفقد مكافأة المأمون أيضا لا نحرافه عنه قعوده عن نصرته، بل ويتعرض لعقوبته ونكاله).

<<  <  ج: ص:  >  >>