التّهمة، أو آخذهم بالبيّنة وما جرت عليه السّنة؟ فكتب إلىّ أن:«خذ الناس بالبينة وما جرت عليه السّنّة، فإن لم يصلحهم الحقّ فلا أصلحهم الله».
قال يحيى: ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقا ونقبا. (سيرة عمر لابن الجوزى ص ٩٧)
٣٣٧ - كتابه إلى جماعة من الحرورية (١)
وقال يحيى بن يحيى الغسّانى أيضا: بلغنى أن ناسا من الحروريّة جمعوا بناحية من الموصل فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أعلمه بذلك، فكتب إلىّ يأمرنى أن أرسل إلىّ منهم رجالا من أهل الجدل، وأعطهم رهنا وخذ منهم رهنا، واحملهم على مراكب البريد إلىّ، ففعلت ذلك، فقدموا عليه فلم يدع لهم حجّة إلا كسرها، فقالوا. لسنا نجيبك حتى تكفّر أهل بيتك وتلعنهم وتتبرأ منهم، فقال عمر: إن الله لم يجعلنى لعّانا، ولكن إن أبق أنا وأنتم فسوف أحملكم وإياهم على المحجّة البيضاء، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه، فقال لهم عمر: إنه لا يسعكم فى دينكم إلا الصدق، منذ كم دنتم الله بهذا الدين؟ قالوا: منذ كذا وكذا سنة، قال: فهل لعنتم فرعون وتبرّأتم منه؟
قالوا: لا، قال: فكيف وسعكم تركه؟ ألا يسعنى ترك أهل بيتى، وقد كان فيهم المحسن والمسىء، والمصيب والمخطئ؟ قالوا: قد بلغنا ما هاهنا، فكتب إلىّ عمر أن خذ من فى أيديهم من رهنك- يعنى ودع من فى يدك من رهنهم- وإن كان رأى القوم أن يسيحوا فى البلاد على غير فساد على أهل الذّمة، ولا تناول أحد من الأمة، فليذهبوا حيث شاءوا، وإن هم تناولوا أحدا من المسلمين وأهل الذمة فحاكمهم إلى الله، وكتب إليهم:
(١) الحرورية من أسماء الخوارج، سماهم بذلك الإمام على كرم الله وجهه، نسبة إلى حروراء- قرية بظاهر الكوفة- وكانوا قد نزلوها حين اعتزلوه بعد رجوعه من صفين.