للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٨ - كتاب فى الشكر]

قال ابن طيفور:

ومن مختار ما كتب به من باب الشكر:

«أما بعد، فما أعجز تعدادى عما أتعرّف منك وأتعرّفه بك دانيا ونائيا» وما أدرى ما ابتدأتنى به من معروفك، أرهن لشكرى؟ أم ما ثنّيت به من برّك، لبدئك بعنايتك على نأيك؟ أم ما ألبستنى جماله، على لسانك، بإطرائك وثنائك؟

أم ما عقدته لى عند غيرك بتلطّفك وتأتيك (١)؟ غير أنى أعلم أنك لم تقصّر فى استحقاق شكر علىّ، وأرجو ألّا أكون مقصّرا فى معرفة ذلك منك، ومن لم يقصّر علمه ولم يؤنّ (٢) فى شكره إلّا من عظم المعروف عنده مع جهده، فقد دخل بالعلم والجهد فى الشاكرين، غير أن الذى آنستنى به من رفدك (٣) وتوطيدك، قد زادنى وحشة إليك، وإنّ حفظ من حفظنى فيك- وإن لم يكن مقصّرا- قد جدّد لى المعرفة بوثارة (٤) مكانى عندك، ولقد بلغت أن أصلحت لى الأمور والرجال، وأصلحتنى إلى صلاحى لنفسك، فليس كتابى هذا باستبطاء لأحد حتى يستبطئه، ولا شكرى حتى يكون البدء منك، ولكن روّحت عن نفسى بذكرك، وزيّنتها بشكرك، وزكّيتها بالإقرار بفضلك».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٧٨)


(١) تأتى للأمر: ترفق وأتاه من وجهه.
(٢) أنيت وأنيت وتأنيت واستأنيت: تأخرت وأبطأت، وفى الأصل «ولم يؤت» والأول عندى أولى.
(٣) الرفد: العطاء والصلة، والتوطيد: التثبيت، ووطد له منزلة: مهدها.
(٤) من وثر الشىء ككرم: إذا لان وسهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>