للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤١٤ - رد علىّ على معاوية

فكتب إليه علىّ عليه السلام:

«أما بعد: فطالما دعوت أنت وأولياؤك أولياء الشيطان الرجيم الحقّ أساطير، ونبذتموه وراء ظهوركم، وحاولتم إطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون، ولعمرى ليتمنّ النور على كرهك، ولينفذنّ العلم بصغارك (١) وقمأتك، ولتخسأنّ طريدا مدحورا، أو قتيلا مثبورا، ولتجزين بعملك حيث لا ناصر لك ولا مصرخ (٢) عندك، فعث فى دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك، فكأنك بباطلك وقد انقضى، وبعملك وقد هوى، ثم تصير إلى لظى (٣)، لم يظلمك الله شيئا، وما ربّك بظلّام للعبيد.

وقد أسهبت فى ذكر عثمان، ولعمرى ما قتله غيرك، ولا خذله سواك، ولقد تربّصت به الدوائر (٤)، وتمنّيت له الأمانىّ، طمعا فيما ظهر منك، ودل عليه فعلك، وإنى لأرجو أن ألحقك به على أعظم من ذنبه، وأكبر من خطيئته، فأنا ابن عبد المطلب صاحب السيف، وإنّ قائمته (٥) لفى يدى، وقد علمت من قتلت به من صناديد بنى عبد شمس، وفراعنة بنى سهم وجمح وبنى مخزوم، وأيتمت أبناءهم، وأيمت نساءهم.

وأذكرّك ما لست له ناسيا يوم قتلت أخاك حنظلة، وجررت برجله إلى القليب (٦)،


(١) الصغار: الذل، وكذا القمأة والقماءة، وخسأه كمنع: طرده، ودحره كمنع: طرده أيضا، مثبورا: هالكا، تبره الله ثبورا كقعد: أهلكه، وتبر هو ثبورا، يتعدى ولا يتعدى.
(٢) المصرخ: المغيث، وعات يعيث: أفسد.
(٣) أى جهنم.
(٤) الدوائر: جمع دائرة وهى الهزيمة، وتربص به: انتظر به شرا (أو خيرا) يحل به.
(٥) قائمة السيف وقائمه: مقبضه، والصناديد جمع صنديد بالكسر: وهو السيد الشجاع، وبنوسهم وجمع ومخزوم: بطون من قريش، وأيمها: جعلها أيما (كجيد) أى بلا زوج.
(٦) القليب: البئر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أمر بالقليب أن تغور، ثم أمر بقتلى المشركين فطرحوا فيها، وكان على قتل حنظلة وأسر عمرا يوم بدر كما قدمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>