للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوبقت (١) نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعيّة، والسلام».

(الإمامة والسياسة ١: ١٣١)

[٧١ - بين معاوية وسعيد بن العاص]

فلما جاوب القوم معاوية بما جاوبوه من الخلاف لأمره والكراهية لبيعته ليزيد، كتب إلى سعيد بن العاص يأمره أن يأخذ أهل المدينة بالبيعة ليزيد أخذا بغلظة وشدة، ولا يدع أحدا من المهاجرين والأنصار وأبنائهم حتى يبايعوا، وأمره أن لا يحرّك هؤلاء النّفر ولا يهيجهم، فلما قدم كتاب معاوية، أخذهم بالبيعة أعنف ما يكون من الأخذ وأغلظه، فلم يبايعه أحد منهم، فكتب إلى معاوية:

«إنه لم يبايعنى أحد، وإنما الناس تبع لهؤلاء النفر، فلو بايعوك بايعك الناس جميعا، ولم يتخلف عنك أحد».

فكتب إليه معاوية يأمره أن لا يحرّكهم إلى أن يقدم، ثم قدم معاوية


- فى الصيد، فكره أن يدخل دمشق، وليس يزيد حاضرا فيها، فضرب مخيمه ظاهر المدينة، وأقام به ينتظر عود يزيد من الصيد، فبينا هو فى بعض الأيام جالس فى خيمته لم يشعر، إلا بكلبة قد دخلت عليه، وفى قوائمها الأساور من الذهب، وعلها جل يساوى مبلغا من المال كبيرا، وقد بلغ منها العطش والتعب، وكادت تموت، فعلم أنها ليزيد وأنها قد شذت منه، فقام إليها وقدم لها ماء، وتعهدها بنفسه، فما شعر إلا بشاب حسن الصورة على فرس جميل، وعليه زى الملوك، وقد علته غبرة، فقام إليه وسلم عليه، فقال له أرأيت كلبة عابرة بهذا الموضع؟ فقال: نعم يا مولانا، ها هى فى الخيمة، قد شربت ماء واستراحت، وقد كانت على غاية من العطش والتعب، فلما سمع يزيد كلامه نزل ودخل الخيمة ونظر إلى الكلبة وقد استراحت فجذب بحبلها ليخرج، فشكا الرجل إليه حاله وعرفه ما أخذ منه ابن زياد، فطلب دواة وكتب إليه يرد ماله وخلعة سنية، وأخذ الكلبة وخرج، فرد الرجل من ساعته إلى الكوفة ولم يدخل دمشق».
وقال الحسن البصرى: «أربع خصال كن فى معاوية، لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة:
انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجرا، ويلا له من حجر وأصحاب حجر مرتين» - انظر تاريخ الطبرى ٦: ١٥٧ والمنية والأمل ص ١٥.
(١) أوبقت أهلكت.

<<  <  ج: ص:  >  >>