للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أهل المودّة، فما ظنّك بمعروف صادف حاجة، وصنيعة كان إلباسها بلا ذلّة ولا بذلة (١)، ومعونة جاءت بلا مئونة، وغيث جاء بلا عارض ولا مخيلة (٢)، وأمل أدرك بلا تعب، وحقّ أوجب بلا حرمة ولا سبب؟ ما كان إلا كالقطر، فى الأرض القفر، أغفلها الزمان، وجفاها العمران، وكلّ معروف وإن كثر فأكثر منه فضلك، وكل صنيعة وإن كبرت فأكبر منها الأمل فيك، وكل شكر بلغ غاية محمودة فأقلّ كرمك يستغرقه، وكبيره يقصر عن تطوّلك به، فتّ والله المادح المطنب، وقصّر عنك لسان الشاكر المعترف، والحامد المجتهد، وأنفد فضلك المحاسن، واستوفى أقلّك جميع الفضائل، وكلّ دونك لسان الخطيب والشاعر، وتزيّنت بك الأيام، وازدحمت عليك الآمال، وامتثل مكارمك الكرام، وقصّر عنك الجياد والأجواد، فإلى الذى زيّننا بإخائك، نرغب فى بقائك، ونسأله أن يهبك لفاقتنا إليك، واتّكالنا بعده عليك».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٨٢)

[٢٢٥ - كتابه إلى على بن يحيى]

وله إلى على بن يحيى:

«إن أحقّ معروف بأن يشكر، ويد بارّة لا تكفر، وأحقّ واجب بأن يؤدّى، وإحسان وبرّ بأن يجازى، معروفك- أعزك الله- عندى، ويدك قبلى، وحقّك علىّ، وإحسانك إلىّ، لأن المعروف يحسن عند الأحرار موقعه، ويجب عليهم شكره ونشره والإشادة بذكره، تتطوّع مبتدئا، وتشفع ما تقدّم معقّبا، وتحسن ربّ ما أسديته متفضّلا، لا أخلاك الله من برّ وإحسان، ولا أخلانا منك فى حال».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٣٨)


(١) البذلة: اسم من الابتذال: وهو امتهان النفس وعدم صيانتها.
(٢) العارض: السحاب المعترض فى الأفق، والسحابة المخيلة (بياء مشددة مكسورة) والمخيلة (بكسر الخاء): التى تحسبها ماطرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>