حدّث سعيد بن جويرية قال: خرجت خارجة على الحجّاج بن يوسف، فأرسل إلى أنس بن مالك أن يحرج معه فأبى، فكتب إليه يشتمه، فكتب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان يشكوه، وأدرج كتاب الحجاج فى جوف كتابه.
قال إسماعيل بن عبد الله بن أبى المهاجر: بعث إلىّ عبد الملك بن مروان فى ساعة لم يكن يبعث إلىّ فى مثلها، فدخلت عليه، وهو أشدّ ما كان حنقا وغيظا، فقال:
يا إسمعيل، ما أشدّ علىّ أن تقول الرعية: ضعف أمير المؤمنين، وضاق ذرعه فى رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، لا يقبل له حسنة، ولا يتجاوز له عن سيّئة.
فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أنس بن مالك خادم رسول الله كتب إلىّ يذكر أن الحجاج قد أضرّ به، وأساء جواره، وقد كتبت فى ذلك كتابين: كتابا إلى أنس بن مالك والآخر إلى الحجاج، فاقبضهما ثم اخرج على البريد، فإذا وردت العراق فابدأ بأنس بن مالك، فادفع له كتابى، وقل له: اشتدّ على أمير المؤمنين ما كان من الحجاج إليك، ولن يأتى إليك أمر تكرهه إن شاء الله، ثم ائت الحجاج فادفع إليه كتابه وقل له: قد اغتررت بأمير المؤمنين غرّة لا أظنه يخطئك شرّها، ثم افهم ما يتكلم به، وما يكون منه، حتى تفهمنى إياه إذا قدمت علىّ إن شاء الله.
قال إسماعيل: فقبضت على الكتابين وخرجت على البريد، حتى قدمت العراق فبدأت بأنس بن مالك فى منزله، فدفعت إليه كتاب أمير المؤمنين، وأبلغته رسالته، فدعا له وجزاه خيرا، فلما فرغ من قراءة الكتاب، قلت له: أبا حمزة، إن الحجاج عامل، ولو وضع لك فى جامعة (١) لقدر أن يضرّك وينفعك. فأنا أريد أن تصالحه