المصاحف خدعة، وعلىّ فى جانب هؤلاء، ورجحت كفّة الفريق الأول، فأجاب علىّ إلى التحكيم على كره منه.
وكتب معاوية إلى على:
«أما بعد: فإن هذا الأمر قد طال بيننا وبينك، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه، ولن يعطى واحد منا الطاعة للآخر، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير، وأنا أتخوّف أن يكون ما بقى أشدّ مما مضى، وإنا سوف نسأل عن هذه المواطن، ولا يحاسب غيرى وغيرك، وقد دعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياة وعذر وبراءة وصلاح للأمة، وحقن للدماء، وألفة للدين، وذهاب للضغائن والفتن:
أن نحكّم بينى وبينكم حكمين مرضيّين، أحدهما من أصحابى، والآخر من أصحابك، فيحكمان بيننا بما أنزل الله، فهو خير لى ولك، وأقطع لهذه الفتن، فاتّق الله فيما دعيت إليه، وأرض بحكم القرآن إن كنت من أهله، والسلام».
(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ١٨٨)
٤٤٨ - رد علىّ على معاوية
فكتب إليه على عليه السلام:
«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبى سفيان: أما بعد فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به فعله، واستوجب فضله، وسلم من عيبه، وإن البغى والزّور يزريان (١) بالمرء فى دينه ودنياه، ويبديان خلله عند من يعيبه، فاحذر الدنيا فإنه لا فرح بشئ وصلت إليه منها، ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى
(١) وفى رواية: يوتغان أى يهلكان، والوتغ بالتحريك: الهلاك والإثم، وفعله كويل، أوتغه الله: أهلكه، وأوتغ دينه بالإثم: أفسده، وفى رواية أخرى «يذيعان».