للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيله، فإذا أنت فيما رقّى (١) إلىّ عنك لا تدع لهواك انقيادا، ولا تبقى لآخرتك عتادا (٢)، تعمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك (٣)، ولئن كان ما بلغنى عنك حقّا، لجمل (٤) أهلك، وشسع نعلك، خير منك، ومن كان بصفتك فليس بأهل أن يسدّ به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك فى أمانة، أو يؤمن على جباية، فأقبل إلىّ حين يصل إليك كتابى هذا إن شاء الله».

(نهج البلاغة ٢: ٩٦)

٥٥٢ - كتاب وقف للإمام علىّ كرم الله وجهه

ووقف الإمام علىّ كرم الله وجهه لسنتين من خلافته: «عين أبى نيزر والبغيبغة (٥)» وكتب بذلك كتابا نصه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدّق به عبد الله على أمير المؤمنين، تصدّق بالضّيعتين المعروفتين بعين أبى نيزر، والبغيبغة، على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، ليقى الله بهما وجهه حرّ النار يوم القيامة، لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن أو الحسين، فهما طلق (٦) لهما، وليس لأحد غيرهما».

(الكامل للمبرد ٢: ١٤١، ومعجم البلدان ٦: ٢٥٢)


(١) أى فيما رفع إلى.
(٢) العتاد: العدة.
(٣) كان فيما رقى إليه عنه أنه يقتطع المال، ويفيضه على رهطه وقومه، ويخرج بعضه فى لذاته ومآربه.
(٤) العرب تضرب بالجمل المثل فى الذلة والهوان، قال العباس بن مرداس:
لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير
يصرفه الصبى بكل وجه ... ويحبسه على الخسف الجرير
وتضربه الوليدة بالهراوى ... فلا غير لديه ولا نكير
(انظر ديوان الحماسة ٢: ١٦) وكذلك ضربوا المثل فى الذلة بشسع النعل، (وهو سير تشد به) قالوا:
«لا أذل من الشسع» كما قالوا: «أذل من النعل» وكان الحارث بن عباد البكرى حين نشبت حرب البسوس بين بكر وتغلب قد اعتزل القوم، فلما استحر القتل فى بكر بعث ابنه بجيرا إلى مهلهل بن ربيعة فى طلب الصلح، فقتله مهلهل وقال له: «بؤ بشسع نعل كليب».
(٥) ضيعتان بالمدينة.
(٦) أى حلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>