للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢١٩ - عهد المامون لعلى بن موسى الرضى]

وفى سنة ٢٠١ هـ جعل المأمون- وهو بخراسان- علىّ بن موسى بن جعفر بن محمد ابن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ولىّ عهد المسلمين والخليفة من بعده وسمّاه الرّضىّ من آل محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا بخطه، وذلك أنه نظر فى بنى العباس وبنى علىّ، فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأمر الناس بطرح السّواد ولبس ثياب الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق.

وهذه نسخة عهده لعلى بن موسى:

«هذا كتاب كتبه عبد الله بن هرون الرشيد أمير المؤمنين بيده لعلىّ بن موسى ابن جعفر ولىّ عهده.

أما بعد: فإن الله عزّ وجلّ اصطفى الإسلام دينا، واصطفى له من عباده رسلا دالّين عليه، وهادين إليه، يبشّر أولهم بآخرهم، ويصدّق تاليهم ماضيهم، حتى انتهت نبوّة الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم، على فترة من الرّسل، ودروس (١) من العلم، وانقطاع من الوحى، واقتراب من الساعة، فختم الله به النبيين، وجعله شاهدا لهم ومهيمنا (٢) عليهم، وأنزل عليه كتابه العزيز الذى «لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» فأحلّ وحرّم، ووعد وأوعد، وحذّر وأنذر، وأمر ونهى، لتكون له الحجّة البالغة على خلقه، و «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ» فبلّغ عن الله رسالته، ودعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتى هى أحسن، ثم بالجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده صلى الله عليه.


(١) أى امحاء
(٢) أى شاهدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>