للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فيها للمسلمين فىء: تبدأ بمن أغنى عنهم (١) فى ثغورهم، وأجزأ عنهم فى أعمالهم، ثم أفض ما فضل بعد ذلك على من سمّى الله.

واعلم يا عمرو أن الله يراك ويرى عملك، فإنه قال تبارك وتعالى فى كتابه:

«واجعلنا للمتّقين إماما» يريد أن يقتدى به، وأن معك أهل ذمّة وعهد، وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأوصى بالقبط فقال: «استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمّة ورحما (٢)» ورحمهم أن أم إسمعيل (٣) منهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:

«من ظلم معاهدا أو كلفّه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة» احذر يا عمرو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لك خصما، فإنه من خاصمه خصمه (٤) والله يا عمرو لقد ابتليت بولاية هذه الأمة، وآنست من نفسى ضعفا، وانتشرت (٥) رعيتى، ورقّ عظمى، فأسأل الله أن يقبضنى إليه غير مفرّط، والله إنى لأخشى لو مات جمل بأقصى عملك ضياعا أن أسأل عنه».

(أشهر مشاهير الإسلام ج ٣: ص ٦١٤)

[١٧٧ - كتاب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص]

ولما استبطأ عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخراج من قبل عمرو بن العاص كتب إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإنى فكّرت فى أمرك والذى أنت عليه، فإذا أرضك أرض واسعة، عريضة رفيعة، قد أعطى الله أهلها


(١) أغنى عنهم، أى ناب عنهم وكفاهم مئونة الدفاع، وكذا أجزأ عنهم.
(٢) ورد فى الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقسط خيرا فإن لهم ذمة ورحما» وفى رواية أخرى: «إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها بالقبط خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة».
(٣) هى هاجر (بفتح الجيم) وهى جارية مصرية أعطاها ملك مصر (ويظن أنه أحد ملوك الأسرة التاسعة أو العاشرة اللتين حكمتا من سنة ٢٤٤٥ إلى سنة ٢١٦٠ قبل الميلاد) لسارة زوج إبراهيم فنسراها إبراهيم فولدت له ابنه إسماعيل أبا العرب المستعربة.
(٤) أى غلبه فى الخصومة.
(٥) أى تفرقت وتناءت.

<<  <  ج: ص:  >  >>