(٢) فدس المنصور إليه سالم بن قتيبة الباهلى، وبعث معه بمال وأمره بأمره، فقدم سالم المدينة فجلس إلى عبد الله بن الحسن، وأظهر له المحبة والميل إلى ناحيته، فلما أنس به قال له: إن نفرا من أهل خراسان- وسمى له رجالا يعرفهم ممن كان يكاتب- قد بعثوا إليك معى مالا، وكتبوا إليك كتابا، فقبل الكتاب والمال. فلما ازداد به أنسا واستئمانا، قال له: إنى قد بعثت بكتابين إلى أمير المؤمنين محمد، وإلى ولى عهده إبراهيم، وأمرت ألا أوصل ذلك إلا فى أيديهما، فإن أوصلتنى إليهما أوصلت إليهما الكتابين والمال، ورحلت إلى القوم بما يثلج صدورهم، فأنا عندهم بموضع الصدق والأمانة، وإن مرهما مظلم، وإن لم تكن تعرف مكانهما لم يخاطروا بدينهم وأموالهم ومهجهم، فأوصله إليهما، فدفع لهما الكتابين والمال، وما زال سالم يحتال له ويغريه بأن يخلع أبا جعفر ويبايع ابنه محمدا حتى اجابه فخلع أبا جعفر وبايع محمدا وبايعه سالم من بعده، وأخذ كتبه وكتب إبراهيم ومحمد فخرج فقدم على أبى جعفر فأخبره بحقيقة الأمر. (٣) لم يزل النفس الزكية متغربا منذ أفضت الدولة إلى بنى العباس خوفا منهم على نفسه، فلما علم بما جرى لأبيه ولقومه ظهر بالمدينة وأظهر أمره، وتبعه أعيان المدينة، ثم غلب عليها وعزل عنها أميرها، ورتب عليها عاملا وقاضيا، فوجه المنصور لقتاله جيشا بقيادة ابن أخيه عيسى بن موسى، فكانت الغلبة لجيش المنصور، وقتل النفس الزكية، وحمل رأسه إلى المنصور سنة ١٤٥ هـ، ثم خرج أخوه إبراهيم-