للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب إليه عبد الله: «أنه لا يدرى أين هما، ولا أين توجها، وأن غيبتهما غير معروفة».

فلم يلبث أبو جعفر- وكان قد أذكى (١) العيون، ووضع الأرصاد- حتى جاءه كتاب من بعض ثقاته يخبره أن رسولا لعبد الله ومحمد وإبراهيم خرج بكتب إلى رجال بخراسان يستدعيهم إليه، فأمر أبو جعفر برسولهم فأتى به وبكتبه، فرّدها إلى عبد الله بن الحسن بطوابعها لم يفتح منها كتابا، وردّ إليه رسوله وكتب إليه:

«إنى أتيت برسولك والكتب الذى معه، فرددتها إليك بطوابعها، كراهية أن أطّلع منها على ما يغيّر لك قلبى، فلا تدع إلى التقاطع بعد التواصل، ولا إلى الفرقة بعد الاجتماع، وأظهر لى ابنيك، فإنهما سيصيران بحيث تحبّ من الولاية والقرابة وتعظيم الشرف».

فكتب إليه عبد الله بن الحسن: يعتذر إليه، ويتنصّل فى كتابه، ويعلمه أن ذلك من عدو أراد تشتيت ما بينهم بعد التئامه، ثم جاءه كتاب ثقة من ثقاته يذكر أن الرسول بعينه خرج بالكتب بأعيانها على طريق البصرة، وأنه نازل على فلان المهلّبىّ، فإن أراده أمير المؤمنين فليضع عليه رصده، فوضع عليه أبو جعفر رصده، فأتى به إليه ومعه الكتب، فحبس الرسول وأمضى الكتب إلى خراسان مع رسول من عنده من أهل ثقاته، فقدمت عليه الجوابات بما كره، واستبان له الأمر.

فكتب إلى عبد الله بن الحسن يقول:

«أريد حياته ويريد قتلى ... عذيرك من خليلك من مراد (٢)

أما بعد فقد قرأت كتبك وكتب ابنيك، وأنفذتها إلى خراسان، وجاءتنى


(١) أذكى عليه العيون: إذا أرسل عليه الطلائع.
(٢) قاله على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو ينظر إلى عبد الرحمن بن ملجم المرادى لعنه الله، ويقال:
عذيرك من فلان بالنصب: أى هات من يعذرك، فعيل بمعنى فاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>