للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناس من بركة الأمير ويمنه وعلامات صفته، ما لم يصبح أحد يحتاج فيه إلى خبر مخبر، ولا صفة واصف، والله محمود، نسأل الله الذى بلّغ الأمير فى نفسه وعلى ألسن الناس ما بلّغ، أن يتمّمه له بأحسن ما تمّمه لأحد قطّ فى طول البقاء لأمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، وأتمّ النعمة عليه فيه».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٨٣)

[٩٦ - كتاب أبى جعفر عند موته يوصى بالمهدى]

وروى الطبرىّ أنه لما مات أبو جعفر المنصور (سنة ١٥٨ هـ) خرج الربيع (١) ابن يونس، وفى يده قرطاس، فألقى أسفله على الأرض، وتناول طرفه ثم قرأ:

«بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف بعده، من بنى هاشم، وشيعته من أهل خراسان، وعامة المسلمين» ثم ألقى القرطاس من يده وبكى وبكى الناس، فأخذ القرطاس وقال: قد أمكنكم البكاء، ولكن هذا عهد عهده أمير المؤمنين، لابدّ من أن نقرأه عليكم، فأنصتوا، رحمكم الله، فسكت الناس ثم رجع إلى القراءة. «أما بعد: فإنى كتبت كتابى هذا، وأنا حىّ فى آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وأنا أقرأ عليكم السلام، وأسأل الله ألّا يفتنكم بعدى، ولا يلبسكم (٢) شيعا، ولا يذيق بعضكم بأس بعض، يا بنى هاشم ويا أهل خراسان».


(١) هو أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبى فروة كيسان مولى الحارث الحفار مولى عثمان بن عفان، وزر للمنصور، وكان مهيبا فصيحا كافيا حازما فطنا، ولم يزل وزيرا للمنصور إلى أن مات المنصور، فقام بأحذ البيعة للمهدى، ثم سعى به أعداؤه إلى الهادى، فقتله سنة ١٧٠ هـ انظر ترجمته فى الفخرى ص ١٥٨ ووفيات الأعيان ١: ١٨٥.
(٢) أخذه من قوله تعالى «قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ» واللبس:
الخلط، يقال: لبست الأمر ألبسه كضرب: إذا خلطت بعضه ببعض، أى يجعلكم فرقا مختلفة الأهواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>