للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥٣ - كتاب عمر إلى أبى عبيدة]

وقد كان أهل الشأم حصروا أبا عبيدة وأصحابه فأصابهم جهد، فكتب إليه عمر:

«سلام عليك، أما بعد: فإنه لم تكن شدة إلا جعل الله بعدها فرجا، ولن عسر يسرين (١) «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

[١٥٤ - رد أبى عبيدة على عمر]

فكتب إليه أبو عبيدة:

«سلام عليك، أما بعد: فإن الله تبارك وتعالى قال: «أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ


(١) أى أن الله يبدل المؤمن بعسره يسرا فى الدنيا ويسرا فى الآخره، أى فرجا عاجلا فى الدنيا وثوابا آجلا فى الآخرة.
«وجاء فى لسان العرب: قال الله تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» روى عن ابن مسعود أنه قرأ ذلك وقال: لا يغلب عسر يسرين، وسئل أبو العباس عن تفسير قول ابن مسعود ومراده من هذا القول. فقال: قال الفراء: العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا اثنتين، وإذا أعادتها بمعرفة فهى هى تقول من ذلك: إذا كسبت درهما فأنفق درهما، فالثانى غير الأول، وإذا أعدته بالألف واللام فهى هى تقول من ذلك: إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم فالثانى هو الأول قال أبو العباس: وهذا معنى قول ابن مسعود، لأن الله تعالى لما ذكر العسر ثم أعاده بالألف واللام علم أنه هو، ولما ذكر يسرا ثم أعاده بلا ألف ولام علم أن الثانى غير الأول، فصار العسر الثانى العسر الأول، وصار يسر ثان غير يسر بدأ بذكره».
وجاء فى حاشية الصبان فى أول باب النكرة والمعرفة: «قالوا إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإن أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت نفس الأولى، وحملوا على ذلك ماروى: لن يغلب عسر يسرين .... الخ»:

<<  <  ج: ص:  >  >>