وجمع الناس، فاجتمعوا على أن يضربوا فيها ثمانين جلدة، ويضمّنوا الفسق، ومن تأوّل عليها بمثل هذا، فإن أبى قتل، فكتب عمر إلى أبى عبيدة:
«أن ادعهم على رءوس الناس واسألهم: أحرام الخمر أم حلال؟ فإن قالوا:
حرام، فاجلدهم ثمانين جلدة واستتبهم، وإن قالوا: حلال فاضرب أعناقهم».
*** فدعا بهم فسألهم، فقالوا: بل حرام، فجلدهم، وحدّ القوم وندموا على لجاجتهم، فاستحيوا فلزموا البيوت، ووسوس أبو جندل، فكتب أبو عبيدة إلى عمر:
«إن أبا جندل قد وسوس، إلا أن يأتيه الله على يديك بفرج، فاكتب إليه وذكّره».
*** فكتب إليه عمر وذكّره:
«من عمر إلى أبى جندل:
«إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء». فتب وارفع رأسك، وابرز ولا تقنط، فإن الله عز وجل يقول:«يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
*** فلما قرأه عليه أبو عبيدة، تطلّق وأسفر وجهه، وكتب إلى الآخرين بمثل ذلك فبرزوا، وكتب إلى الناس:
«عليكم أنفسكم، ومن استوجب التغيير فغيّروا عليه، ولا تعيّروا أحدا فيفشو فيكم البلاء».
(تاريخ الطبرى ٤: ٢٢٢، وتاريخ الكامل لابن الأثير ٢: ٢٧٣)