للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة هشام بن عبد الملك (سنة ١٠٥ - ١٢٥ هـ)]

[٤٤٥ - كتاب هشام إلى يوسف بن عمر الثقفى]

قال حمّاد الراوية (١):

كان انقطاعى إلى يزيد بن عبد الملك فى خلافته، فكان أخوه هشام يجفونى لذلك، فلما مات يزيد وأفضت الخلافة إلى هشام، خفته فمكثت فى بيتى سنة لا أخرج إلا لمن أثق به من إخوانى سرّا، فلمّا لم أسمع أحدا يذكرنى سنة، أمنت فخرجت فصلّيت الجمعة، ثم جلست عند باب الفيل، فإذا شرطيّان قد وقفا علىّ فقالا لى: يا حماد، أجب الأمير يوسف بن عمر- وكان واليا على العراق- فقلت فى نفسى: من هذا كنت أحذر! ثم قلت لهما: هل لكما أن تدعانى حتى آتى أهلى فأودّعهم وداع من لا ينصرف إليهم أبدا ثم أسير معكما؟ فقالا: ما إلى ذلك من سبيل، فاستسلمت فى أيديهما وسرت إلى يوسف بن عمر وهو فى الإيوان الأحمر، فسلّمت عليه فردّ على السلام، ورمى إلىّ كتابا فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر، أما بعد: فإذا قرأت كتابى هذا، فابعث إلى حمّاد الراوية من يأتيك به غير مروّع ولا متعتع (٢)، وادفع له خمسمائة دينار وجملا مهريّا (٣) يسير عليه اثنتى عشرة ليلة


(١) هو حماد بن ميسرة، وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها، وكانت ملوك بنى أمية تقدمه وتؤثره وتستزيره، فيفد عليهم وينادمهم، ويسألونه عن أيام العرب وعلومها ويجزلون صلته، وهو من الموالى، وتوفى سنة ١٥٥ هـ- انظر ترجمته فى الأغانى ووفيات الأعيان.
(٢) تعتعه: حركه بعنف، أو أكرهه فى الأمر حتى قلق.
(٣) إبل مهرية: منسوبة إلى مهرة بن حيدان، وهم حى عظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>