للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستسلموا، فابعث بهم إلىّ سلما، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون، فإن قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره، فإنه عاقّ مشاقّ قاطع ظلوم، وليس دهرى (١) فى هذا أن يضرّ بعد الموت شيئا، ولكن علىّ قول (٢) لو قد قتلته فعلت هذا به، إن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا، وخلّ بين شمر بن ذى الجوشن وبين العسكر، فإما قد أمرناه بأمرنا، والسلام».

فأقبل شمر بن ذى الجوشن بكتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد فقرأه عليه وقال له:

أخبرنى ما أنت صانع؟ أتمضى لأمر أميرك وتقتل عدوه؟ وإلّا فخلّ بينى وبين الجند قال: لا، ولا كرامة لك وأنا أتولى ذلك، قال فدونك فنهض إليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم وزحف عليه، وعبّأ الحسين أصحابه، ونشب القتال بين الفريقين، واستمات أصحاب الحسين فى القتال حتى فنوا، وقتل الحسين عليه السلام قتله سنان بن أنس لعنه الله- وكان قتله بالطّفّ (٣) يوم عاشوراء سنة ٦١ هـ، وأمر ابن سعد أصحابه أن يوطئوا خيلهم الحسين، فوطئوه بخيلهم، ثم حمل النساء، ورأسه إلى يزيد بن معاوية بدمشق.

(تاريخ الطبرى ٦: ٢٣٦)

[٩٦ - كتاب عبد الله بن عمر إلى يزيد]

وكان عبيد الله بن زياد قد أمر بالمختار بن أبى عبيد الثّقفى أن يسجن، لما كان من مناصرته لمسلم بن عقيل، فلم يزل فى السجن حتى قتل الحسين رضى الله عنه، ثم إن


(١) يقال: ما دهرى بكذا وما دهرى كذا: أى ما همى وغايتى.
(٢) معناه: ولكن لى رأى واعتقاد، قال فى اللسان «ويتجوزون فى تسميتهم الاعتقادات والآراء قولا، لأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول، أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إلا بالقول سميت قولا إذ كانت سببا له، وكان القول دليلا عليها كما يسمى الشىء باسم غيره إذا كان ملابسا له» وقال فى اللسان أيضا: قال ابن الأثير: «العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام واللسان، فتقول: قال بيده أى أخذ، وقال برجله أى مشى، وقال الشاعر:
* وقالت له العينان سمعا وطاعة* أى أو مأت، وقال بالماء على يده: أى قلب، وقال بثوب: أى رفعه، وكل ذلك على المجاز والاتساع».
(٣) أرض من ضاحية الكوفة فى طريق البرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>