وأنت إذا تدبرت هذا الكتاب وجدت أسلوبه أسلوب مغالطة فى إلصاق هذه التهم بعلى، فإن عليا لم يقتل طلحة والزبير، وإنما قتلا فى خروجهما عليه، ولم يشرد بعائشة بل هى شردت نفسها، وخرجت إلى البصرة للطلب بدم عثمان فتعرضت لما نالها، على أن عليا بعد أن هزم أصحابها أمر أخاها محمد بن أبى بكر أن يضرب عليها قبة، وقال: انظر هل وصل إليها شئ من جراحة؟ فوجدها سليمة لم تصب بشئ، ثم جاءها فقال: كيف أنت يا أمه؟ قالت: بخير يغفر الله لك. قال: ولك، ثم جهزها بكل ما ينبغى لها من مركب أو زاد أو متاع، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات يرافقنها إلى المدينة، وقال تجهز يا محمد فبلغها، وشيعها هو أميالا، وسرح بنيه معها يوما، والعجب كل العجب أن يصم عليا بتركه دار الهجرة. وأن يقول له إن المدينة قد نفتك عنها لأنك خبث، مع أن هذا القول مردود عليه هو، فقد نفته المدينة عنها منذ ولى الشام من عهد عمر فهل هو إذن خبث! وكذلك طلحة والزبير وعائشة الذين خرجوا إلى البصرة، والذين يتعصب لهم ويحتج بهم! والكلام فى ذلك طويل نجتزئ منه بهذا القدر اليسير.