للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتكها إلا انتشارا وارتدادا، لأنك الشامخ بأنفه، الذاهب بنفسه، المستطيل على الناس بلسانه ويده.

وها أنا سائر إليك فى جمع من المهاجرين والأنصار، تحفّهم سيوف شامية، ورماح قحطانيّة، حتى يحاكموك إلى الله، فانظر لنفسك وللمسلمين، وادفع إلىّ قتلة عثمان، فإنهم خاصّتك وخلصاؤك (١) والمحدقون بك، فإن أبيت إلا سلوك سبيل اللّجاج والإصرار على الغىّ والضلال، فاعلم أن هذه الآية إنما نزلت فيك، وفى أهل العراق معك: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ».

(شرح ابن أبى الحديد م ٤: ص ٢٠١)

٤٠٧ - رد علىّ على معاوية

وروى الشريف الرضى رحمه الله أن عليّا عليه السلام كتب إلى معاوية جوابا عن كتابه:

«أما بعد: فإنا كنا نحن وأنتم على ما ذكرت من الألفة والجماعة، ففرّق بيننا وبينكم أمس أنّا آمنّا وكفرتم، واليوم أنّا استقمنا وفتنتم، وما أسلم مسلمكم إلا


(١) الخلصاء: جمع خلص بالكسر كخدن، وهو الصاحب.
وأنت إذا تدبرت هذا الكتاب وجدت أسلوبه أسلوب مغالطة فى إلصاق هذه التهم بعلى، فإن عليا لم يقتل طلحة والزبير، وإنما قتلا فى خروجهما عليه، ولم يشرد بعائشة بل هى شردت نفسها، وخرجت إلى البصرة للطلب بدم عثمان فتعرضت لما نالها، على أن عليا بعد أن هزم أصحابها أمر أخاها محمد بن أبى بكر أن يضرب عليها قبة، وقال: انظر هل وصل إليها شئ من جراحة؟ فوجدها سليمة لم تصب بشئ، ثم جاءها فقال: كيف أنت يا أمه؟ قالت: بخير يغفر الله لك. قال: ولك، ثم جهزها بكل ما ينبغى لها من مركب أو زاد أو متاع، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات يرافقنها إلى المدينة، وقال تجهز يا محمد فبلغها، وشيعها هو أميالا، وسرح بنيه معها يوما، والعجب كل العجب أن يصم عليا بتركه دار الهجرة. وأن يقول له إن المدينة قد نفتك عنها لأنك خبث، مع أن هذا القول مردود عليه هو، فقد نفته المدينة عنها منذ ولى الشام من عهد عمر فهل هو إذن خبث! وكذلك طلحة والزبير وعائشة الذين خرجوا إلى البصرة، والذين يتعصب لهم ويحتج بهم! والكلام فى ذلك طويل نجتزئ منه بهذا القدر اليسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>