للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملا، والمحصد (١) مع لينه وتعطّفه أمرا، الشبيه بأمير المؤمنين إن نطق لفظا، وإن نظر لحظا، وإن سئل جودا، وإن اهتصر (٢) عودا، وإن ساس رفقا، وإن غضب حلما، وإن وصف علما» وإن كلّم فهما، وإن قدر عفوا، وإن لقى بشرا، وإن نازع فلجا (٣)، وإن قارع ظفرا، فكان عند ظنه به، رعاية للحرمة، وحزما فى المكيدة، وجلبا للفىء، وحياطة للغائب، ومباشرة للشاهد.

هذا قليل من كثير، مما جعلك الله أهله، وإنما اقتصرت عليه لأنى رأيت المتكلمين من الخطباء تركوه، وأن ما سمعت من الكتب المقروءة لم تنتظمه، فأحببت أن يعلم أمير المؤمنين أن له فى كل أمر عمل به فى رعيته حجة واضحة، وعذرا معروفا، إن قام به متكلّم فى خاصّة حسن موقعه، وإن قرئ به كتاب فى عامّة قويت به حجّته.

والحمد لله الذى جعله وذرّيته أولياء هذه النعم، والمخصوصين بهذه الفضائل، ونسأله أن يبقيه وإياهم للدّين الذى سدّ بهم عورته، والحقّ الذى أقرّ بهم جادّته، والعدل الذى أوضح بهم أعلامه حتى يكونوا ورثة هذه الأمة وخلفاءها فى غابر الدهر وباقيات الأيام، مستقلّين (٤) بالعدل، موفّقين للسّداد، معصومين من الشّبهات، مستوجبين مع فضائل الدنيا لأفضل كرامات المعاد، والسلام». (اختيار المنظوم والمنثور ١٢: ١٩٢)

١٦٧ - رسالة أبى الربيع محمد بن الليث التى كتبها للرشيد إلى قسطنطين (٥) ملك الروم

«من عبد الله هرون أمير المؤمنين إلى قسطنطين عظيم الروم:

سلام على من اتبع الهدى، فإنى أحمد الله الذى لا شريك معه، ولا ولد له، ولا


(١) المحصد: المحكم أيضا.
(٢) اهتصره: كسره.
(٣) الفلج، الفوز والظفر.
(٤) أى ناهضين به رافعين له.
(٥) هو قسطنطين السادس، ولى ملك الروم سنة ٧٨٠ م (وقد ولى الرشيد الخلافة من سنة ٧٨٦ إلى سنة ٨٩٠ م- سنة ١٧٠ إلى سنة ١٩٣ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>