للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد آثرتكم به على نفسى لنصيحته لكم، وشدة شكيمته (١) على عدوكم، عصمكم الله بالهدى، وثبّتكم على اليقين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

(تاريخ الظبرى ٦: ٥٥، ونهج البلاغة ٢: ٤٥، وشرح ابن أبى الحديد م ٢: ص ٢٩ وص ٣٠)

[٥٠٥ - كتاب آخر إلى أهل مصر]

وروى الشريف الرضىّ فى نهج البلاغة أيضا أن عليّا عليه السلام كتب إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها:

«أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله نذيرا للعالمين، ومهيمنا (٢) على المرسلين، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده، فو الله ما كان يلقى فى روعى (٣)، ولا يخطر ببالى أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلى الله عليه وآله عن أهل بيته، ولا أنهم منحّوه (٤) عنى من بعده، فما راعنى إلا انثيال الناس على فلان (٥) يبايعونه فأمسكت يدى، حتى رأيت راجعة الناس (٦) قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما، تكون المصيبة به علىّ أعظم من فوت ولا يتكم التى إنما هى متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشّع (٧) السحاب، فنهضت فى تلك الأحداث، حتى زاح (٨) الباطل وزهق، واطمأنّ الدّين وتنهنه (٩)». ومنه:


(١) الشكيمة فى الأصل: حديدة المجام المعترضة فى فم الفرس، وفلان شديد الشكيمة: أنف أبى لا ينقاد.
(٢) المهيمن: الشاهد، والنبى عليه الصلاة والسلام شاهد برسالة المرسلين قبله، قال تعالى «إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً» * أى تشهد بصحة نبوة الأنبياء قبلك.
(٣) الروع: القلب.
(٤) أى مبعدوه.
(٥) أى انصبابهم على أبى بكر من كل وجه.
(٦) يعنى أهل الردة.
(٧) أى يتكشف.
(٨) زاح يزيح: بعد وذهب كانزاح.
(٩) تنهنه: سكن؛ وأصله الكف، تقول نهنهت السبع فتنهنه: أى كف عن حركته، فكأن الدين كان متحركا مضطربا فسكن وكف عن ذلك الاضطراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>