للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الخير رفيعة، مقدّمين للسرور بها نصح الجيوب (١)، باذلين للرجاء فيها ثمار القلوب، فنسأل الله أن يفعل الذى ...... (٢)».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٤٠)

[١١٥ - رسالة ابن سيابة إلى يحيى بن خالد البرمكى]

وكتب ابن سيابة (٣) إلى يحيى (٤) بن خالد بن برمك:

«للأصيد (٥) الجواد، الوارى الزّناد، الماجد الأجداد، الوزير الفاضل، الأشمّ (٦) الباذل، اللّباب الحلاحل (٧)، من المستكين المستجير، البائس الضرير،


(١) جيب القميص: طوقه، وهو ناصح الجيب أى القلب والصدر.
(٢) كذا فى الأصل.
(٣) هو إبراهيم بن سيابة مولى بنى هاشم، وهو من مقاربى شعراء وقته، وليست له نباهة ولا شعر شريف، وإنما كان يميل بمودته ومدحه إلى إبراهيم الموصلى وابنه إسحاق فغنيا فى شعره ورفعا منه- انظر ترجمته فى الأغانى ١١: ٥.
(٤) هو يحيى بن خالد بن برمك وزير الرشيد، كان جده برمك من مجوس بلخ، وكان يخدم «النوبهار» وهو معبد كان للمجوس بمدينة بلح توقد فيه النيران، وكان برمك عظيم المقدار عندهم، فلما فتح المسلمون بلخ أسلم ابنه خالد فيمن أسلم من أهلها، وساد وتقدم فى الدولة العباسية، واستوزره السفاح بعد وزيره أبى سلمة الخلال، ولما تولى المنصور الخلافة أقره على وزارته فبقى سنة وشهورا، وولد له ابنه يحيى، وكان من النبل والعقل وجميع الخلال على أكمل حال، فضم إليه المهدى ولده الرشيد وجعله فى حجره، ثم صار يحيى كاتب الرشيد ونائبه ووزيره قبل أن يتولى الخلافة، وكان الهادى أراد أن يجعل الخلافة فى ابنه جعفر، ويخلع أخاه الرشيد، وسعى إلى الهادى بيحيى بن خالد، وقيل له: إنه ليس عليك من الرشيد خلاف، وإنما يفسده يحيى، فأغضب ذلك الهادى على يحيى وأمر بحبسه، فلما كانت الليلة التى توفى فيها الهادى (من سنة ١٧٠ هـ) قعد الرشيد للخلافة فدعا يحيى من محبسه- وكان الهادى قد عزم على قتله وقتل الرشيد فى تلك الليلة- وقال له: يا أبت أنت أجلستنى فى هذا المجلس ببركتك ويمنك وحسن تدبيرك وقد قلدتك الأمر، ودفع له خاتمه، فتولى الوزارة ونهض بأعباء الدولة أتم نهوض، وكان كاتبا بليغا لبيبا سديد الآراء حسن التدبير، ثم أقاله واستوزر ابنه الفضل، ثم أقال الفضل واستوزر أخاه جعفرا، إلى أن نكب البرامكة فغضب عليه وحيسه (سنة ١٨٧) وخلده فى الحبس حتى مات فيه (سنة ١٩٠) - انظر وفيات الأعيان ٣: ٢٤٣ وتاريخ الطبرى ١٠: ص ٣٤، ص ٤٨: والفخرى ص ١٣٩، ١٧٩ ومروج الذهب ٢: ٢٦٣.
(٥) الأصيد: الذى يرفع رأسه كبرا، ومنه قيل للملك أصيد لأنه لا يلتفت من زهوه يمينا ولا شمالا، والزناد جمع زند بالفتح: وهو العود الذى يقدح به النار، وورى الزند كوعى وولى: خرجت ناره، وفلان وارى الزناد: كناية عن مضاء العزيمة.
(٦) الأشم: السيد ذو الأنفة.
(٧) لباب كل شىء: خياره، والحلاحل: السيد الشجاع، أو الضخم الكثير المروءة، أو الرزين فى ثخانة، والمستكين: الخاضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>