للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن طلحة والزبير بايعانى، ثم نقضا بيعتهما، وكان نقضهما كردّتهما، فجاهدتهما بعد ما أعذرت إليهما، حتى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، فإنّ أحبّ الأمور إلىّ قبولك العافية، إلا أن تتعرّض للبلاء، فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت بالله عليك، وقد أكثرت فى قتلة عثمان. فإن أنت رجعت عن رأيك وخلافك، ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكمت القوم إلىّ، حملتك وإياهم على كتاب الله، وأما تلك التى تريدها فهى خدعة الصبى عن اللبن (١)

ولعمرى يا معاوية لئن نظرت بعقلك دون هواك، لتجدنّنى أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمنّ أنى كنت فى عزلة عنه، إلا أن تتجنّى (٢)، فتجنّ ما بدا لك.

واعلم أنك من الطّلقاء (٣) الذين لا تحلّ لهم الخلافة، ولا تعقد معهم الإمامة، ولا يدخلون فى الشّورى، وقد بعثت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله البجلىّ، وهو من أهل الإيمان والهجرة، فبايعه، ولا قوّة إلا بالله».

(العقد الفريد ٢: ٢٣٣، ونهج البلاغة ٢: ٥، وشرح ابن أبى الحديد م ٣ ص ٣٠٠، م ١: ص ٢٤٨، والإمامة والسياسة ١: ٧١)

[٣٨٠ - كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص]

«وقدم جرير على معاوية بكتاب علىّ، فلما أبطأ عليه معاوية برأيه، استحثه بالبيعة، فقال له معاوية: يا جرير إن البيعة ليست بخلسة، وإنه أمر له ما بعده،


(١) وذلك ما تصنعه له أمه فى أول فطامه مما يكره إليه الثدى ويلهيه عنه. وفى الحديث «الحرب خدعة» مثلثة وبضم ففتح. روى بهن جميعا: أى تنقضى بخدعة.
(٢) تجنى عليه: ادعى عليه ذنبا لم يفعله.
(٣) لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة سنة ثمان دخل الكعبة وجلس فى المسجد والناس حوله فقال: يا معشر قريش ما تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وكان معاوية ممن أسلم فى هذا اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>