للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قد علمت- أعزك الله- أن السبب فى العداوة بين محمد بن عبد الملك الزيات وإبراهيم بن العباس الصّولى، أنه لما ولى وزارة المعتضد (١) نقص إبراهيم عما يستحقه من الدعاء، فلم تحتمل ذلك نفسه ورياسته وموضعه من الصّناعة والدّولة، فعاتب فى ذلك فلم يعتبه، فألهب له نار هجاء لا يطفئها الدهر، وعلامة ذلك قوله فى كلام منثور قد ذكره: «ولى هذا الأمر فما ظنّ أن الرياسة تنجذب إليه، ولا أن العزّ يتحصل له، إلّا بحطّ إخوانه عن منزلتهم، ونقصهم عن مرتبتهم، فبخسنى (٢) فى المكاتبة، وساءنى فى المعاملة» فى كلام له طويل، ثم نظم ذلك فى شعر فقال:

من رأى فى الأنام مثل أخ لى؟ ... كان عونى على الزمان وخلّى

رفعته حال، فحاول حطّى ... وأبى أن يعزّ إلّا بذلّى

وكان هذا الخطاب فى أول الأمر، ثم أنحى عليه بالهجاء، فافتقد- أعزك الله- إنصاف إخوانك، وتجنّب ظلمهم، يصف لك غدير ودّهم».

(أدب الكتاب ص ١٥٩)

[٢٥٢ - كتاب أحمد بن على المازرانى إلى ابن بشر المرثدى]

وروى الصّولى أيضا فى أدب الكتاب قال:

لما ولى ابن بشر المرثدىّ كتابة الموفّق بالله، نقص أحمد بن على المازرانىّ فى الدعاء حين كاتبه، فكتب إليه:

كلما رمت أن أخلّف من كا ... ن أمامى خلفت عمّن ورائى (٣)

أنقصت الدّعاء لى منك لمّا ... زادك الله رفعة فى دعائى؟


(١) هكذا فى الأصل، وهو خطأ، فإن ابن الزيات إنما وزر للمعتصم والواثق والمتوكل، ثم نكبه المتوكل وقتله سنة ٢٣٣، وأما المعتضد فإنه ولى الخلافة سنة ٢٧٩ وتوفى سنة ٢٨٩، والصواب أنه «الواثق».
(٢) أى نقصنى.
(٣) يقال: خلفه وراءه أى جعله وراءه فتخلف عنه: أى تأخر عنه، ويقال أيضا: خلف عن أصحابه: أى تخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>