للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمادى الوليد فى الشراب وطلب اللّذات فأفرط، فقال له هشام: ويحك يا وليد! والله ما أدرى: أعلى الإسلام أنت أم لا؟ ما تدع شيئا من المنكر إلا أتيته غير متحاش ولا مستتر به، فكتب إليه الوليد:

«يأيّها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبى شاكر

نشربها صرفا وممزوجة ... بالسّخن أحيانا وبالفاتر»

فغضب هشام على ابنه مسلمة- وكان يكنى أبا شاكر- وقال له: يعيّرنى بك الوليد، وأنا أرشّحك للخلافة! فالزم الأدب، واحضر الجماعة، وولاه الموسم سنة ١١٩ هـ فأظهر النّسك والوقار واللّين، وقسّم بمكة والمدينة أموالا.

(تاريخ الطبرى ٨: ٢٨٩، والأغانى ٢: ٧٦)

[٤٨٤ - كتاب أبى شاكر مسلمة بن هشام إلى خالد القسرى]

وقال خالد بن عبد الله القسرى: أنا برىء من خليفة يكنى أبا شاكر، فغضب مسلمة بن هشام على خالد، فلما مات أسد بن عبد الله أخو خالد سنة ١٢٠ كتب أبو شاكر إلى خالد بشعر هجا به نوفل خالدا وأخاه أسدا حين مات:

«أراح من خالد وأهلكه ... ربّ أراح العباد من أسد

أمّا أبوه فكان مؤتشبا ... عبدا لئيما لأعبد قفد» (١)

وبعث الطّومار (٢) مع رسول على البريد إلى خالد، فظنّ أنه عزّاه عن أخيه، ففضّ الخاتم، فلم ير فى الطومار غير الهجاء، فقال: ما رأيت كاليوم تعزية!

(تاريخ الطبرى ٨: ٢٨٩)


(١) هو مؤتشب بالفتح: أى غير صريح فى نسبه، وقفد: جمع أقفد، والعبد الأقفد: الكز اليدين والرجلين القصير الأصابع (والكز: وصف من الكزازة بالفتح وهى اليبس والانقباض) والأقفد: المسترخى العنق أو الغليظة، ومن يمشى على صدور قدميه من قبل الأصابع، ولا تبلغ عقباه الأرض، ومن يرى مقدم رجليه من مؤخرهما من خلف، وفعله كفرح.
(٢) الطومار: الصحيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>