للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بداعية الإسلام، فإن أجابوه أمسك عنهم، وإن لم يجيبوه شنّ غارته عليهم (١) حتى يقرّوا له، ثم ينبّئهم بالذى عليهم والذى لهم، فيأخذ ما عليهم، ويعطيهم الذى لهم، لا ينظرهم (٢)، ولا يردّ المسلمين عن قتال عدوهم، فمن أجاب إلى أمر الله عزّ وجل، وأقرّ له، قبل ذلك منه، وأعانه عليه بالمعروف، وإنما يقاتل من كفر بالله، على الإقرار بما جاء من عند الله، فإذا أجاب الدعوة لم يكن له عليه سبيل، وكان الله حسيبه بعد فيما استسرّ به (٣)، ومن لم يجب داعية الله قتل وقوتل حيث كان، وحيث بلغ مراغمه (٤)، لا يقبل من أحد شيئا أعطاه إلا الإسلام، فمن أجابه وأقرّ به قبل منه وعلّمه، ومن أبى قاتله، فإن أظهره الله عليه قتل فيهم كلّ قتلة بالسلاح والنيران، ثم قسّم ما أفاء الله عليه إلا الخمس فإنه يبلّغناه، وأن يمنع أصحابه العجلة والفساد، وأن لا يدخل فيهم حشوا حتى يعرفهم ويعلم ما هم، لئلّا يكونوا عيونا، ولئلّا يؤتى المسلمون من قبلهم، وأن يقصد بالمسلمين، ويرفق بهم فى السير والمنزل، ويتفقدهم ولا يعجل بعضهم عن بعض، ويستوصى بالمسلمين فى حسن الصّحبة ولين القول».

(تاريخ الطبرى ٣: ٢٢٧، وصبح الأعشى ١٠: ١٩٢)

[٦٠ - كتاب خالد بن الوليد إلى أبى بكر]

وسيّر أبو بكر خالد بن الوليد رضى الله عنهما لقتال طليحة بن خويلد الأسدى- وكان قد ادّعى النبوّة فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستطار أمره، واجتمعت إليه غطفان وطيّئ- فناجزهم خالد على بزاخة (٥)، وكان بنو عامر قريبا منهم يقدّمون رجلا ويؤخّرون أخرى، يتربّصون على من تكون الدّبرة (٦)، فلما أحيط بأسد


(١) شن الغارة عليهم: صبها من كل وجه.
(٢) أى لا يؤخرهم.
(٣) استسر: استتر.
(٤) المراغم: المهاجر (اسم مكان).
(٥) بزاخة: ماء من مياه بنى أسد بأرض نجد.
(٦) الدبرة: الهزيمة فى القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>