للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩٠ - رد المهلب على الحجاج]

فكتب المهلب إليه:

«أما بعد، فإنى لم أعط رسلك على قول الحق أجرا، ولم أحتج منهم مع المشاهدة إلى تلقين، ذكرت أنى أجمّ (١) القوم، ولا بدّ من راحة يستريح فيها الغالب، ويحتال فيها المغلوب، وذكرت أن فى ذلك الجمام ما ينسى القتلى وتبرأ منه الجراح، وهيهات أن ينسى ما بيننا وبينهم، تأبى ذلك قتلى لم تجنّ (٢)، وقروح لم تتقرّف، ونحن والقوم على حالة وهم يرقبون منا حالات، إن طمعوا حاربوا، وإن ملّوا وقفوا، وإن يئسوا انصرفوا، وعلينا أن نقاتلهم إذا قاتلوا، ونتحرّز إذا وقفوا، ونطلب إذا هربوا، فإن تركتنى والرأى، كان القرن مقصوما، والداء بإذن الله محسوما، وإن أعجلتنى لم أطعك ولم أعص، وجعلت وجهى إلى بابك، وأنا أعوذ بالله من سخط الله ومقت الناس».

(الكامل للمبرد ٢: ٢٢٧، وشرح ابن أبى الحديد م ١، ص ٤٠٣) ونهاية الأرب ٧: ٢٤٨، وصبح الأعشى ٦: ٥٥٩)

[١٩١ - كتاب المهلب إلى الحجاج]

ولما تمت الغلبة للمهلب على الأزارقة، وقتل آخر زعمائهم عبد ربه الصغير سنة ٧٨ هـ أوفد المهلب إلى الحجاج كعب بن معدان الأشقرىّ ومرّة بن تليد الأزدىّ ليخبراه بالفتح، وكتب إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد الله الكافى بالإسلام فقد ما سواه، المعجّل النّقمة لمن بغاه، الذى حكم بأن لا ينقطع المزيد منه حتى ينقطع الشكر من عباده (٣)، أما بعد:


(١) من أجم الماء: أى تركه يجتمع.
(٢) أجنه: كفنه، أى قتلى دفنت دون أن تكفن، وفى رواية «قتل من لم يجن، وتفرقت القرحة تقشرت، وذلك إذا يبست: أى وقروح لم تبرأ، وفى صبح الأعشى «لم تعرق» وهو تحريف.
(٣) وفى أدب الكتاب: «الذى يزيد من شكره، ويرزق من كفره».

<<  <  ج: ص:  >  >>