للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٨٩ - رد المأمون على الأمين]

فلما قرأ المأمون الكتاب كتب مجيبا له:

«أما بعد: فقد بلغنى كتاب أمير المؤمنين، ولم يكتب فيما جهل فأكشف له عن وجهه؟ ولم يسأل ما لا يوجبه حق فيلزمنى الحجّة بترك إجابته؟ وإنما يتجاوز المناظران منزلة النّصفة (١) ما ضاقت النّصفة عن أهلها، فمتى تجاوز متجاوز- وهى موجودة- ولم يكن تجاوزها إلا عن نقضها واحتمال ما فى تركها؟ فلا تبعثنى يابن أبى على مخالفتك وأنا مذعن بطاعتك، ولا على قطيعتك وأنا على إيثار (٢) ما تحبّ من صلتك، وارض مما حكم به الحقّ فى أمرك، أكن بالمكان الذى أنزلنى به الحقّ فيما بينى وبينك والسلام». (تاريخ الطبرى ١: ١٣٤)

[١٩٠ - رد الأمين على المأمون]

فلما وصل كتاب المأمون إلى الأمين غضب وتغيظ وأمر بالإمساك عن الدعاء له على المنابر، وكتب إليه:

«أما بعد: فقد بلغنى كتابك عامطا (٣) لنعمة الله عليك فيما مكّن لك من ظلّها (٤) متعرّضا لحراق نار (٥) لا قبل لك بها، ولحطّك عن الطاعة (٦) كان أودع، وإن كان قد تقدّم منى متقدّم (٧) فليس بخارج من مواضع نفعك، إذ كان راجعا على العامة من رعيّتك، وأكثر من ذلك ما يمكّن لك من منزلة السلامة، ويثبت لك من حال الهدنة (٨)، فأعلمنى رأيك أعمل عليه إن شاء الله». (تاريخ الطبرى ١٠: ١٣٤)


(١) النصفة: الإنصاف والعدل.
(٢) أى تقديم وتفضيل.
(٣) عمط نعمة الله وغمطها كضرب وسمع فيهما: بطرها وكفرها ولم يشكرها.
(٤) الظل: معروف، والعز والمنعة.
(٥) نار حراق: لا تبقى شيئا.
(٦) أى ولنزولك على إرادتى مطيعا لأمرى ....
(٧) أى طلب متقدم، وهو سؤاله إياه أن يتجافى له عن بعض كور خراسان.
(٨) الهدنة: المصالحة والدعة والسكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>